(بِرُءُوسِكُمْ) : الْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَقَالَ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ: الْبَاءُ فِي مِثْلِ هَذَا لِلتَّبْعِيضِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ يَعْرِفُهُ أَهْلُ النَّحْوِ. وَوَجْهُ دُخُولِهَا أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى إِلْصَاقِ الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ. (وَأَرْجُلَكُمْ) : يُقْرَأُ بِالنَّصْبِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْوُجُوهِ وَالْأَيْدِي؛ أَيْ: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ، وَالسُّنَّةُ الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ تُقَوِّي ذَلِكَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَوْضِعِ بِرُءُوسِكُمْ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ عَلَى اللَّفْظِ أَقْوَى مِنَ الْعَطْفِ عَلَى الْمَوْضِعِ.
وَيُقْرَأُ فِي الشُّذُوذِ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ؛ أَيْ: وَأَرْجُلُكُمْ مَغْسُولَةٌ كَذَلِكَ، وَيُقْرَأُ بِالْجَرِّ، وَهُوَ مَشْهُورٌ أَيْضًا كَشُهْرَةِ النَّصْبِ، وَفِيهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الرُّءُوسِ فِي الْإِعْرَابِ، وَالْحُكْمُ مُخْتَلِفٌ، فَالرُّءُوسُ مَمْسُوحَةٌ، وَالْأَرْجُلُ مَغْسُولَةٌ، وَهُوَ الْإِعْرَابُ الَّذِي يُقَالُ هُوَ عَلَى الْجِوَارِ، وَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ أَنْ يَقَعَ فِي الْقُرْآنِ لِكَثْرَتِهِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ، فَمِنَ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَحُورٌ عِينٌ) [الْوَاقِعَةِ: ٢٢] عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ جَرَّ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: (بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ) وَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ؛ إِذْ لَيْسَ الْمَعْنَى يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ بِحَوَرٍ عِينٍ قَالَ الشَّاعِرُ وَهُوَ النَّابِغَةُ: لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَسِيرٌ غَيْرُ مُنْفَلِتٍ أَوْ مُوثَقٍ فِي حِبَالِ الْقَيْدِ مَجْنُوبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute