وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْجَرَّ فِي الْآيَةِ قَدْ أُجِيزَ غَيْرُهُ، وَهُوَ النَّصْبُ، وَالرَّفْعُ وَالنَّصْبُ غَيْرُ قَاطِعَيْنِ، وَلَا ظَاهِرَيْنِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الرِّجْلَيْنِ الْمَسْحُ، وَكَذَلِكَ الْجَرُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَالنَّصْبِ وَالرَّفْعُ فِي الْحُكْمِ دُونَ الْإِعْرَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ جَرُّ الْأَرْجُلِ بِجَارٍّ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: وَافْعَلُوا بِأَرْجُلِكُمْ غَسْلًا، وَحَذْفُ الْجَارِّ وَإِبْقَاءُ الْجَرِّ جَائِزٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:
مَشَائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحِينَ عَشِيرَةً ... وَلَا نَاعِبٍ إِلَّا بِبَيْنٍ غُرَابُهَا.
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
بَدَا لِيَ أَنِّي لَسْتُ مُدْرِكَ مَا مَضَى ... وَلَا سَابِقٍ شَيْئًا إِذَا كَانَ جَائِيًا.
فَجُرَّ بِتَقْدِيرِ الْبَاءِ، وَلَيْسَ بِمَوْضِعٍ ضَرُورَةً. وَقَدْ أَفْرَدْتُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كِتَابًا.
(إِلَى الْكَعْبَيْنِ) : مِثْلُ «إِلَى الْمَرَافِقِ» وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَمْسُوحَ لَيْسَ بِمَحْدُودٍ، وَالتَّحْدِيدُ فِي الْمَغْسُولِ الَّذِي أُرِيدَ بَعْضُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: «وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» وَلَمْ يُحَدِّدِ الْوَجْهَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُهُ. (وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) : «مِنْهُ» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِامْسَحُوا. (لِيَجْعَلَ) : اللَّامُ غَيْرُ زَائِدَةٍ، وَمَفْعُولُ يُرِيدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَا يُرِيدُ اللَّهُ الرُّخْصَةَ فِي التَّيَمُّمِ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ حَرَجًا، وَقِيلَ: اللَّامُ زَائِدَةٌ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ أَنْ غَيْرُ مَلْفُوظٍ بِهَا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مَفْعُولًا لِـ «يُرِيدُ» بِأَنْ، وَمِثْلُهُ: (وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) ؛ أَيْ: يُرِيدُ ذَلِكَ لِيُطَهِّرَكُمْ. (عَلَيْكُمْ) : يَتَعَلَّقُ بِيُتِمَّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالنِّعْمَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ النِّعْمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute