الْكُوفِيِّينَ، فَحَذْفُ الْيَاءِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ عَلَامَةُ السُّكُونِ الَّذِي هُوَ بِنَاءٌ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ هُوَ عَلَامَةُ الْجَزْمِ.
وَ (هَدَى) يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ بِنَفْسِهِ، فَأَمَّا تَعَدِّيهِ إِلَى مَفْعُولٍ آخَرَ فَقَدْ جَاءَ مُتَعَدِّيًا إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ ; وَمِنْهُ هَذِهِ الْآيَةُ ; وَقَدْ جَاءَ مُتَعَدِّيًا بِإِلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الْأَنْعَامِ: ١٦١] وَجَاءَ مُتَعَدِّيًا بِاللَّامِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا) [الْأَعْرَافِ: ٤٣] .
وَ: (السِّرَاطَ) بِالسِّينِ هُوَ الْأَصْلُ ; لِأَنَّهُ مِنْ سَرَطَ الشَّيْءَ إِذَا بَلَغَهُ، وَسُمِّيَ الطَّرِيقُ سِرَاطًا لِجَرَيَانِ النَّاسِ فِيهِ كَجَرَيَانِ الشَّيْءِ الْمُبْتَلَعِ.
فَمَنْ قَرَأَهُ بِالسِّينِ جَاءَ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَمَنْ قَرَأَهُ بِالصَّادِ قَلَبَ السِّينَ صَادًا ; لِتَجَانُسِ الطَّاءِ فِي الْإِطْبَاقِ، وَالسِّينُ تُشَارِكُ الصَّادَ فِي الصَّفِيرِ وَالْهَمْسِ، فَلَمَّا شَارَكَتِ الصَّادَ فِي ذَلِكَ قَرُبَتْ مِنْهَا، فَكَانَتْ مُقَارَبَتُهَا لَهَا مُجَوِّزَةً قَلْبَهَا إِلَيْهَا لِتُجَانِسَ الطَّاءَ فِي الْإِطْبَاقِ.
وَمَنْ قَرَأَ بِالزَّايِ قَلَبَ السِّينَ زَايًا ; لِأَنَّ الزَّايَ وَالسِّينَ مِنْ حُرُوفِ الصَّفِيرِ، وَالزَّايُ أَشْبَهُ بِالطَّاءِ ; لِأَنَّهُمَا مَجْهُورَتَانِ.
وَمَنْ أَشَمَّ الصَّادَ زَايًا قَصَدَ أَنْ يَجْعَلَهَا بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِطْبَاقِ.
وَأَصْلُ: (الْمُسْتَقِيمَ) مُسْتَقْوِمٌ، ثُمَّ عُمِلَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي «نَسْتَعِينُ» ، وَمُسْتَفْعِلٌ هُنَا بِمَعْنَى فَعِيلٍ أَيِ السِّرَاطُ الْقَوِيمُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْقَائِمِ ; أَيِ الثَّابِتُ.
وَسِرَاطٌ الثَّانِي بَدَلٌ مِنَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ بَدَلُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ، وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكِلَاهُمَا مَعْرِفَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute