للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما بال دارك حين تدخل جنّة ... وبباب دارك منكر ونكير

وقال آخر:

إذا جئت ألقى عند بابك حاجبا ... محيّاه من فرط الجهالة حالك

ومن عجب مغناك جنّة قاصد ... وحاجبها من دون رضوان مالك «١»

وقال آخر:

سأترك بابا أنت تملك إذنه ... ولو كنت أعمى عن جميع المسالك

فلو كنت بوّاب الجنان تركتها ... وحوّلت رجلي مسرعا نحو مالك «٢»

وقال آخر:

ماذا يفيدك أن تكون محجّبا ... والعبد بالباب الكريم يلوذ

ما أنت إلّا في الحصار معي فلا ... تتعب فكلّ محاصر مأخوذ

وقال أبو تمام:

سأترك هذا الباب ما دام إذنه ... على ما أرى حتى يلين قليلا

فما خاب من لم يأته متعمّدا ... ولا فاز من قد نال منه وصولا

إذا لم نجد للإذن عندك موضعا ... وجدنا إلى ترك المجيء سبيلا

واستأذن رجل على أمير، فقال للحاجب: قل له إن الكرى قد خطب إلي نفسي وإنما هي هجعة وأهب، فخرج الحاجب، فقال له الرجل: ما الذي قال لك؟ قال:

قال كلاما لا أفهمه وهو يريد أن لا يأذن لك.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إنما أمهل فرعون مع دعواه الألوهية لسهولة إذنه وبذل طعامه.

وقال عمرو بن مرة الجهني لمعاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من أمير يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة «٣» والمسألة إلا أغلق الله أبواب السموات دون حاجته وخلته ومسألته، وجاء النامي الشاعر لبعض الأمراء فحجبه، فقال:

سأصبر إن جفوت فكم صبرنا ... لمثلك من أمير أو وزير

رجوناهم فلما أخلفونا ... تمادت فيهم غير الدهور

فبتنا بالسلامة وهي غنم ... وباتوا في المحابس والقبور

ولمّا لم ننل منهم سرورا ... رأينا فيهم كلّ السرور

وأنشدوا في ذلك أيضا:

قل للذين تحجبوا عن راغب ... بمنازل من دونها الحجّاب

إن حال عن لقياكم بوابكم ... فالله ليس لبابه بواب

واستأذن سعد بن مالك «٤» على معاوية، فحجبه، فهتف بالبكاء، فأتى الناس وفيهم كعب «٥» فقال: وما يبكيك يا سعد؟ فقال: وما لي لا أبكي وقد ذهب الأعلام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاوية يلعب بهذه الأمة؟ فقال كعب: لا تبك، فإن في الجنة قصرا من ذهب يقال له عدن أهله الصدّيقون والشهداء، وأنا أرجو أن تكون من أهله.

واستأذن بعضهم على خليفة كريم وحاجبه لئيم، فحجبه فقال:

في كلّ يوم لي ببابك وقفة ... أطوي إليه سائر الأبواب «٦»

وإذا حضرت رغبت عنك فإنه ... ذنب عقوبته على البوّاب «٧»

وأما ذكر الولايات وما فيها من الخطر العظيم:

فقد قال الله تعالى لداود عليه السلام: يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ

«٨» .

<<  <   >  >>