للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل لأعرابي كان يتعشق قينة: ما يضرك لو اشتريتها ببعض ما تنفق عليها، قال: فمن لي إذ ذاك بلذة الخلسة ولقاء المسارقة وانتظار الموعد.

وقال أبو العيناء: رأيت جارية مع النخاس وهي تحلف أن لا ترجع لمولاها، فسألتها عن ذلك، فقالت: يا سيدي إنه يواقعني من قيام، ويصلي من قعود، ويشتمني بإعراب، ويلحن في القرآن، ويصوم الخميس والاثنين، ويفطر رمضان، ويصلي الضّحى، ويترك الفرض. فقلت:

لا أكثر الله في المسلمين مثله.

وكانت ظلمة القوّادة وهي صغيرة في المكتب تسرق دويات الصبيان وأقلامهم، فلما شبت زنت، فلما كبرت قادت. وقال صاحب المسالك والممالك إن عامة ملوك الهند يرون الزنا مباحا، خلا ملك قمار، قال الزمخشري رحمه الله: أقمت بقمار سنين، فلم أر ملكا أغير منه، وكان يعاقب على الزنا وشرب الخمر بالقتل. وقمار ينسب إليها العود القماري كما ينسب إلى مندل، قال مسكين الدارمي:

ولا ذنب للعود القماريّ إنّه ... يحرّق إن نمّت عليه روائحه «١»

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: عهدت الناس وهواهم تبع لأديانهم، وإن الناس اليوم أديانهم تبع لأهوائهم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم» .

ما جاء في الوقاحة والسفاهة وذكر الغوغاء:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت» ، وفي ذلك قيل:

إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا ... وتستح مخلوقا فما شئت فاصنع

وقال ابن سلام: العاقل شجاع القلب والأحمق شجاع الوجه. وذم رجل قوما، فقال: وجوههم وأيديهم حديد أي وقاح بخلاء. ووصف رجل وقحا فقال: لو دق الحجارة بوجهه لرضها ولو خلا بأستار الكعبة لسرقها.

قال الشاعر:

لو أن لي من جلد وجهك رقعة ... لجعلت منها حافرا للأشهب «٢»

وقال آخر:

إذا رزق الفتى وجها وقاحا ... تقلّب في الأمور كما يشاء

وقال أنو شروان: أربعة قبائح وهي في أربعة أقبح، البخل في الملوك والكذب في القضاة، والحسد في العلماء، والوقاحة في النساء. ويقال من جسر أيسر ومن هاب خاب.

قال الشاعر:

لا تكوننّ في الأمور هيوبا ... فإلى هيبة يصير الهبوب

وقال عليّ رضي الله عنه: إذا هبت أمرا فقع فيه، فإنّ شرّ توقّيه أعظم مما تخاف منه «٣» . وقال رضي الله عنه: الغوغاء إذا اجتمعوا ضروا، وإذا افترقوا نفعوا، فقيل: قد علمنا مضرة اجتماعهم فما منفعة افتراقهم؟ قال: يرجع أهل المهن إلى مهنهم، فينتفع الناس بهم كرجوع البنّاء إلى بنائه والنسّاج إلى منسجه، والخبّاز إلى مخبزه.

وقال بعض السلف: لا تسبّوا الغوغاء، فإنهم يطفئون الحريق ويخرجون الغريق. وقال الأحنف: ما قل سفهاء قوم إلا ذلوا. وقال حكيم: لا يخرجن أحد من بيته إلا وقد أخذ في حجره قيراطين من جهل، فإن الجاهل لا يدفعه إلا الجهل أراد السفه.

قال الشاعر:

ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا «٤»

وقيل: الجاهل من لا جاهل له. أي: من لا سفيه له يدفع عنه. وقيل: بينما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه جالس، إذ جاء أعرابي، فلطمه، فقام إليه واقد بن عمرو، فجلد به الأرض، فقال عمر: ليس بعزيز من ليس في قومه سفيه.

وقال الشاعر:

ولا يلبث الجهّال أن يتهضّموا ... أخا الحلم ما لم يستعن بجهول «٥»

وقال صالح بن جناح:

<<  <   >  >>