شرخ الشباب بحبكم أفنيته ... والعمر في كلف بكم قضّيته «١»
وأنا الذي لو مرّ بي من نحوكم ... داع وكنت بحفرتي لبّيته «٢»
كيف التعرّض للسلو وحبّكم ... حبّ بأيام الشباب شريته
لله داء في الفؤاد أجنّه ... يزداد نكسا كلّما دوايته «٣»
قالوا حبيبك في التجنّي مسرف ... قاس على العشاق قلت فديته
أأروم من كلفي عليه تخلصّا ... لا والذي بطحاء مكة بيته
ولو استطعت بكل إسم في الورى ... من لذّة الذكرى به سميته
وللشيخ بدر الدين الدماميني:
سلّ سيفا من الجفون صقيلا ... مذ تصدى جلاه رحت قتيلا
صح عن جفنه حديث فتور ... وهو ما زال من قديم عليلا
مرّ أبدى لنا من الخصر ردفا ... فأرانا مع الخفيف ثقيلا «٤»
ذو قوام كأنّه الغصن لكن ... بالهوى نحو وصلنا لن يميلا
فكامل الحسن وافر ظل وجدي ... فيه يا عاذلي مديدا طويلا «٥»
فاتك الجفن ذو الجمال كثير ... أتلف العاشقين إلّا قليلا
قلت إذ لاح طرفه ولماه ... فاتر اللحظ بكرة وأصيلا
كيف حالي وهل لصب إليه ... من سبيل فقال لي سل سبيلا
وقال آخر:
لو أنّ قلبك لي يرق ويرحم ... ما بتّ من ألم الجوى أتألم
ومن العجائب أنّني لا سهم لي ... من ناظريك وفي فؤادي أسهم «٦»
يا جامع الضدين في وجناته ... ماء يرق عليه نار تضرم
عجبي لطرفك وهو ماض لم يزل ... فعلام يكسر عندما تتكلم
ومن المروءة أن تواصل مدنفا ... والدهر سمح والحوادث نوّم «٧»
وقال آخر:
تصدّق بوعد إنّ دمعي سائل ... وزوّد فؤادي نظرة فهو راحل
فخدّك موجود به التبر دائما «٨» ... وحسنك معدوم لديه المماثل «٩»
أيا قمرا من شمس طلعة وجهه ... وظل عذاريه الدّجى والأصائل
تنقّلت من طرف مع القلب والهوى ... وهاتيك للبدر المنير منازل
جعلتك للتمييز نصبا لخاطري ... فهلّا رفعت الهجر والهجر فاعل
وقال ابن صابر:
قبّلت وجنته فألفت جيده ... خجلا ومال بعطفه الميّاس
فانهلّ من خديه فوق عذاره ... عرق يحاكي الطلّ فوق الآس «١٠»
فكأنّني استقطرت ورد خدوده ... بتصاعد الزفرات من أنفاسي
وقال آخر:
وغزال كل من شبّهه ... بهلال أو ببدر ظلمه