أصلح الله حال دنياه وأخراه، وفي المحافظة عليها تجري مقتضيات عملها عملا إسلاميا، وخشوعا وإخباتا إيمانيا، ورؤية وشهودا إحسانيا. فبذلك تتم المحافظة عليها، وأول ذلك الطهارة لها باستعمال الطهور على حكم السنة، وتتبع معاني الحكمة، كما في مسح الأذنين مع الرأس، لأن من فرق بينهما لم يكد يتم له طهور نفسه بما أبدته الحكمة وأقامته السنة، وعمل العلماء، فصد عنه عامة الخلق الغفلة، ثم التزام التوبة عندها، لأن طهور القلب التوبة، كما أن طهور البدن والنفس الماء والتراب، فمن صلى على غير تجديد توبة صلى محدثا بغير طهارة، ثم حضور القلب في التوحيد عند الأذان والإقامة، فإن من غفل قلبه عند الأذان والإقامة عن التوحيد نقص من صلاته روحها، فلم يكن لها عمود قيام، من حضر قلبه عند الأذان والإقامة حضر قلبه في صلاته، ومن غفل قلبه عندهما غفل قلبه في صلاته.
ثم هيئتها في تمام ركوعها وسجودها، وانطاق كل ركن عملي بذكر الله يختص به، أدنى ما يكون ثلاثا، فليس في الصلاة عمل لا نطق له، ولا يقبل الله صلاة من لم يقم صلبه في ركوعه وسجوده وقيامه وجلوسه، فبالنقص من تمامها تنقص المحافظة عليها، [وبتضييع المحافظة عليها يتملك الأعداء النفس ويلحقها الشح، فتنتقل عليها الأحكام وتتضاعف عليها -] مشاق الدنيا، وما من عامل يعمل عملا في وقت صلاة أو حال أذان إلا كان وبالا عليه، وعلى من ينتفع به من عمله، وكان ما يأخذه من أجر فيه شقى خبث لا يثمر له عمل بر، ولا راحة