وتكون الهجرة من بلد الخوف إلى بلد الأمن، مثل الهجرة من مكة إلى الحبشة، فإنها هجرة من بلد خوف إلى بلد أمن، وتكون من بلد شرك إلى بلد إسلام، كالهجرة من مكة -قبل الفتح- إلى المدينة، فإن المهاجرين تركوا بلادهم، وتركوا أموالهم، وتركوا دورهم، ومتاعهم من أجل نصرة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا جمع الله للمهاجرين بين الهجرة والنصرة في قوله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحشر:٨]، وبهذا كانوا أفضل من الأنصار؛ لأنهم عندهم النصرة التي عند الأنصار، وزادوا بالهجرة التي ليست عند الأنصار، فالمهاجرون أنصار، وزيادة على ذلك هم مهاجرون، والأنصار أنصار فقط، والذين جمعوا بين الهجرة والنصرة أفضل من الذين حصلوا النصرة فقط.
والهجرة من مكة انتهت بفتح مكة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:(لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية)، وأما الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام فهي باقية ومستمرة إلى قيام الساعة.