للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجه جعل البر حسن الخلق]

هذا الحديث يتعلق بالبر والإثم، والبر جاء في حديث النواس بن سمعان أنه حسن الخلق، فيحتمل أن يكون المراد بقوله: (حسن الخلق) الخلق الحسن الذي هو من جملة أعمال البر ومن جملة وجوه الخير، فيكون نظير قوله: (الدين النصيحة) وقوله: (الحج عرفة).

ويكون التنصيص عليه من بينها لعظم شأنه وأهميته، ويحتمل أن يكون المراد بحسن الخلق جميع أعمال الخير، ويدل على ذلك ما جاء عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن)، أي: أنه يتأدب بآدابه ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فيكون حسن الخلق على ذلك عاماً ليس مقصوراً على الخلق الكريم الذي هو معاملة الناس، ومن جملة ما يدخل فيه معاملة الناس معاملة طيبة، وأنه يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لها، ويأتي إليهم ما يحب أن يؤتى إليه، فيكون أعم من التفسير الأول.

إذاً: إما أن يكون مراداً بالبر الخلق الحسن، ويكون في ذلك إشارة إلى خصلة من خصال البر، ويدل على عظم شأنه، إذ قد جاء فيه أحاديث كثيرة تدل على عظم شأنه وأن أثقل ما يوضع في الميزان هو الخلق الحسن، ويحتمل أن يكون المراد به العموم، فكل ما هو خير سواء أكان من الأقوال أم الأفعال فإنه يدخل تحت حسن الخلق، ويدل عليه ما جاء عن عائشة (أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن)، وذلك لأنه كان يتأدب بآداب القرآن، ويأتي بأحكام القرآن، ويأتمر بأوامر القرآن، وينتهي عن نواهي القرآن.