[ظهور سؤدد النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على جميع الخلق]
وإذا نفخ في الصور النفخة الثانية خرج الناس من قبورهم، وأول قبر ينشق عن صاحبه هو قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في حديث أبي هريرة- أنه قال:(أنا سيد ولد آدم، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع) ثم بعد ذلك يذهب الناس إلى أرض المحشر، فيموج بعضهم في بعض، ويبحثون عن طريق الخلاص من هذا الموقف الشديد، فيقول بعضهم لبعض: اذهبوا إلى آدم أبي البشر، فيأتون إليه ويذكرون صفاته وخصائصه، فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، فاشفع لنا إلى ربك.
فيقول: نفسي نفسي، اذهبوا إلى نوح.
فيحيلهم إلى نوح، فيذهبون إليه ويقولون له: يا نوح! أنت سماك الله عبداً شكوراً، اشفع لنا إلى ربك.
فيقول: نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم.
فيأتون إلى إبراهيم فيقول: نفسي نفسي، اذهبوا إلى موسى.
فيقول موسى: نفسي نفسي، اذهبوا إلى عيسى.
فيقول عيسى: نفسي نفسي، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
فيأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها.
ثم يتقدم، ويسجد لله عز وجل فيحمده بمحامد يفتح الله تعالى بها عليه، فيقال له: ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفع.
فيشفعه الله عز وجل في ذلك الموقف، ويأتي الله لفصل القضاء، ويذهب الناس إلى منازلهم من الجنة والنار بعد الحساب.
وقد سميت هذه الشفاعة بالمقام المحمود لأنه يحمده عليه الأولون والآخرون من لدن آدم إلى الذين قامت عليهم الساعة، ولهذا جاء في حديث الشفاعة قوله صلى الله عليه وسلم:(أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر)، ثم ذكر حديث الشفاعة، وأن الناس يموج بعضهم في بعض، فذكر أنه سيد الناس يوم القيامة، مع أنه صلى الله عليه وسلم سيد الناس في الدنيا والآخرة، وذلك أنه في ذلك اليوم يظهر سؤدده على الجميع، ويظهر فضله وإحسانه إلى الجميع، وشفاعته تحصل للجميع.