وهذا يبين لنا أن سلف هذه الأمة هم المرجع، فالصحابة كانوا هم المرجع للتابعين، فيرجعون إليهم في أمور الدين، فالواجب في كل زمان ومكان الرجوع إلى أهل العلم عندما تحصل الأمور المشكلة الأمور المعضلة، ولا يتخرص كل متخرص ويقول كل قائل ويتحدث كل متحدث، وإنما يرجع في ذلك إلى أهل العلم، كما أن الأمور الدنيوية من الصناعات والمهن والحرف إنما يرجع فيها إلى أصحاب الاختصاص، ولا يقدم عليها بدون علم، فأمور الشريعة أولى بأن يكون المرجع فيها إلى أهلها ومن عندهم علم بها.
فكان هذا شأن سلف هذه الأمة، فالتابعون يرجعون إلى الصحابة في معرفة ما يجد وما ينزل من أمور تظهر مخالفتها لما هو معروف في الكتاب والسنة، أو يكون فيها اشتباه، يقول الله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣].
فـ عبد الله بن عمر عندما أجاب أجاب أولاً ببيان منزلة هؤلاء وحالهم، وأنه بريء منهم، وأنهم برآء منه، وأن من لا يؤمن بالقدر فلا يقبل منه شيء من العمل، ولا يدخل الجنة حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، ثم أتى بالدليل، وهذا فيه -أيضاً- بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من بيان الحكم بدليله.