قال: أن تؤمن بالله) الإيمان بالله: هو أصل الأصول، وهذه الأمور التي ذكرت معه هي تابعة له، والذي لا يؤمن بالله لا يؤمن بها، بل إن كثيراً منها أضيف إليه، حيث قال:(أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله) فقوله: (وملائكته)، وكذلك ما بعده أضافه إلى الله عز وجل، فالإيمان بها تابع للإيمان به، فمن لم يؤمن بالله عز وجل لم يؤمن بهذه الأمور، ومن آمن بالله فيمكن أن يؤمن بشيء منها، ويكفر بالشيء الآخر، ولكن إن لم يؤمن بالله فلن يؤمن بها؛ لأن الملائكة ملائكة الله، والرسل رسل الله، والكتب كتب الله، فالذي لا يؤمن بالله لا يؤمن بكتبه، ولا برسله، ولا بملائكته.
إذاً: فهذا الأصل -وهو الإيمان بالله- هو الأساس لكل ما يؤمن به من هذه الأمور وغير هذه الأمور، فكل الأمور المغيبة التي جاء الخبر بها عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم يجب الإيمان والتصديق بها، فإن كانت أموراً ماضية فنؤمن بأنها قد وقعت كما جاء الخبر في الكتاب والسنة، وإن كانت مستقبلة فنؤمن بأنها ستقع وفقاً لما جاء به الخبر، وكذلك إن كانت الأمور موجودة ولكنها غير مشاهدة ولا معاينة فإننا نؤمن بأنها موجودة وأنها حق، كما أُخبرنا عن السماوات، وعن الملائكة وعن خلقهم، وعن الجن وعن خلقهم مع أننا لا نراهم ولا نشاهدهم، لكن جاءنا الخبر بذلك.
إذاً: فالإيمان بالله هو الأساس، كما أن الشهادتين هما الأساس، والصلاة والزكاة والصيام والحج تابع لهما، فكذلك الإيمان بالله هو الأساس للإيمان بالملائكة والكتب والرسل وغير ذلك، فكل هذه الأركان الخمسة للإسلام والستة للإيمان الركن الأول منها هو الأصل والأساس لغيره، فهو أساس في نفسه وأساس لغيره، فما وراءه من الأركان تابع له، وإذا لم يوجد هذا الأساس فلا يوجد ما وراءه، فإذا لم توجد الشهادتان فلن يوجد ما وراءهما، وإن وجد فإنه لا عبرة به، كما قال تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:٢٣]، أي: من عمل طيب.
فلم ينفع صاحبه عند الله عز وجل مع وجود الشرك، فالمشرك ليس له إلا النار، ولا سبيل له إلى السلامة منها، بل هو باق فيها أبد الآباد إلى غير نهاية.