كل عمل يتقرب به إلى الله عز وجل لا ينفع صاحبه إلا إذا توافر فيه شرطان: أحدهما: أن يكون خالصاً لله.
الثاني: أن يكون مطابقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والشرط الثاني هو مقتضى هذا الحديث، فكل عمل من الأعمال لابد فيه من إخلاص العمل لله، وأن يكون مطابقاً لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإذا توافر هذان الشرطان فإن العمل يكون مقبولاً، وإذا اختل أحدهما فإن العمل لا عبرة به، ولا قيمة له.
فإذا كان العمل خالصاً لله، ولكنه مبني على بدعة، ولم يكن مبنياً على سنة فهو مردود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وإذا كان العمل مبنياً على سنة، ولكن أشرك مع الله غيره فيه، فإنه يكون مردوداً على صاحبه، وقد قال الله عز وجل:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:٢٣] وقال الله عز وجل في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه).
إذاً: لا بد من هذين الشرطين، وهما مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله، فإن الإخلاص لله هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله؛ لأن معنى لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله، فالعبادة يجب أن تكون خالصة لله، وإذا أشرك مع الله غيره فيها فإنه لا عبرة بها، ولا قيمة لها، وترد على صاحبها، فلا بد أن يكون العمل خالصاً لله حتى يكون معتبراً، ومقتضى شهادة أن محمداً رسول الله عليه الصلاة والسلام: ألا يعبد الله إلا طبقاً لما جاء به عليه الصلاة والسلام، فلا يعبد بالبدع والمحدثات والمنكرات التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي هي مخالفة لما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام؛ ولهذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر باتباع السنن، وحذر من البدع، كما في حديث العرباض بن سارية وهو الحديث الثامن والعشرون من الأربعين النووية، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم:(فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).