إن طريقة الإمام مسلم رحمه الله أنه يأتي بالأحاديث كما هي، ويأتي بالألفاظ كما وردت، ولا يختصر الأحاديث، ولا يفرقها ويجزئها في أماكن متعددة كما يصنع البخاري، ولهذا أورده الإمام مسلم رحمه الله هنا بتمامه ولم يختصره، ولم يأت بمحل الشاهد فقط، وهذه من ميزاته التي تميز بها عن غيره كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في ترجمته من (تهذيب التهذيب)، فبعد أن ذكر كلاماً نقله المزي في تهذيب الكمال قال: قلت: وقد حصل حظ عظيم مفرط للإمام مسلم لم يحصل لغيره، وذلك بعنايته بالمحافظة على الألفاظ، وعدم الرواية بالمعنى، وعدم الاختصار، وأنه يأتي بالشيء كما كان، فلا يحصل منه شيء من التغيير والتبديل بروايته بالمعنى أو باختصار أو بغير ذلك، وهذه من ميزاته التي تميز بها.
وهذه طريقة الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فعندما يأتون بالحكم فإنهم يأتون بدليله ولو لم يطلب منهم، وذلك لأن الدليل هو الأساس الذي يبنى عليه، والسائل عندما يسمع الدليل من الكتاب أو السنة يطمئن، فالناس متعبدون بالالتزام بالكتاب والسنة، فإذا أجاب المسئول السائل عن مسألته، وأتى بعد ذلك بالدليل فهذا من تمام الإجابة ومن تمام الإحسان، فيطمئن السائل إلى أن الجواب الذي أجيب به مبني على نص من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.