[درجة حديث:(كل بني آدم سيد) والجمع بينه وبين النهي عن وصف المنافق بأنه سيد]
السؤال
قال السبكي في طبقات الشافعية في الجزء الثاني في صفحة (٢٦) في ترجمة أحمد بن عمرو بن السرح: وكان من جملة العلماء، شرح موطأ مالك، وتفرد عن ابن وهب بحديث، فقال: حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث، عن أبي يونس، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم سيد، والرجل سيد أهله، والمرأة سيدة بيتها) وقال: هذا حديث صحيح غريب.
انتهى من الطبقات.
فما مدى صحة هذا الحديث؟ وما رأيكم في هذه المسألة؟ ثم لو صح -كما قال السبكي - فما الجمع بينه، وبين النهي عن إطلاق لفظ السيد، كما في حديث:(لا تقل للمنافق: سيد)؛ لأنه في ذلك الحديث جعل كل بني آدم سيداً؟
الجواب
أبو يونس ما أعرفه، والباقون معروفون، وكلهم ثقات، ولكن لو صح الحديث فالمقصود بالسيد الذي هو سيد قومه كما هو معلوم، فالأشرار رأسهم منهم، والأخيار رأسهم منهم، والسؤدد هنا لو صح الحديث المقصود به تقدم المرء على غيره، فيكون مرجعاً في الخير ومرجعاً في الشر، لكن التقدم في الشرع أمر محبوب وأمر مرغوب وأمر ممدوح.
ولا يستقيم ما جاء في هذا الحديث إلا أن يعتبر تقدماً، وكون الإنسان رأساً في شر أو رأساً في خير، فيكون مقدم الخبثاء من جنسهم، ومقدم الأخيار من جنسهم، ولكن لا يعني ذلك أن كل متقدم يكون محموداً؛ لأن هناك تقدماً مذموماً وتقدماً محموداً، وذلك راجع إلى حال المتقدم، ولما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل قال:(عظيم الروم)، يعني: أنه مقدم وكبير فيهم.