هل يمكن أن يستدل بهذا الحديث على جواز الحلف على كل فتوى يفتي بها؟
الجواب
الأمر جائز، ولكن رسول الله ما حلف في كل شيء، وإنما حلف في بعض الأحوال دون بعضها، لكن كون الإنسان يلتزم هذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما التزمه.
ثم أيضاً كون الإنسان يحلف على ما يفتي به يحلف على ماذا؟ يقول: إن هذا حق! قد يكون اجتهد فأخطأ، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن المجتهدين ينقسمون إلى قسمين:(إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد) فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن المجتهدين ينقسمون إلى مصيب ومخطئ، وليس كل مجتهد مصيب، أي: ليس كل مجتهد مصيب حقاً، أما كون كل مجتهد مصيب أجراً فنعم مع التفاوت في الأجر، المجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد، فكل من المجتهدين مصيب ومحصل أجراً، وأما كون كل مجتهد يصيب الحق، فالحديث يدل على عدم ذلك، وعلى أن ذلك غير صحيح؛ لأنه قسم المجتهدين إلى مصيب ومخطئ، فلا يقال: إن كلهم مصيبون.
وقد ذكر ابن القيم عدة أيمان النبي صلى الله عليه وسلم التي جاءت في الأحاديث كلها، وأظنها سبعين أو فوق السبعين في هذه الحدود، فذكر كل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حلف به، وهو ما ذكر الأيمان، وإنما ذكر عددها، وكون الإنسان يحلف على شيء يجزم به واضح مثلما جاء في حديث ابن مسعود هذا، أو شيء ثبت به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن منسوخاً ولا مرجوحاً أي: أنه محكم، فإذا حلف الإنسان على ما جاء في الحديث فيمكن، لكن كون الإنسان يحلف على فتواه، أو على كل ما يفتي به يحلف به، فهذا غلط، وقد يكون مخطئاً.