قوله:(حرم بيع الخمر والميتة)، الميتة هي حرام أكلها وبيعها؛ لأن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، فلا يقال: إنه يتخلص من المحرم ببيعه ثم يؤكل ثمنه، بل ما هو حرام فإنه يحرم بيعه، والخمر حرمت لما فيها من الفساد ولما فيها من الضرر ولما فيها من زوال العقل، بهذه اللذة التي صار إليها من ابتلي بها، وهي لذة عاجلة تعقب حسرة وتعقب ندامة، وقد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم الخبائث؛ لأن الإنسان إذا أتى بها وسكر فإن كل شيء يمكن أن يفعله، حتى إنه قد يزني بمحارمه والعياذ بالله؛ لأن عقله قد ذهب وليس بموجود، ولهذا يقول ابن الوردي في لاميته العظيمة التي يقول فيها في شطر من شطر أبياتها: كيف يسعى في جنون من عقل فهذا شيء عجيب! فإنسان أعطاه الله عقلاً ثم كيف يسعى باختياره وإرادته إلى أن يكون من جملة المجانين؟! ومعلوم أن السكران يذهب عقله والعياذ بالله! فيحصل منه أنواع الخبائث، ولهذا قيل للخمر: إنها أم الخبائث؛ لأنها تؤدي إلى الخبائث، فالإنسان إذا فقد عقله يتصرف تصرفات خبيثة وقد يقع فيها على محارمه والعياذ بالله! وقد يحصل منه أمور منكرة وأمور مستقذرة مثل قصة سكران كان يبول ويأخذ بوله ويشربه ويغسل به وجهه! وكل هذا قبح وسوء، سببه ونتيجته هو تضييع العقل وإفساد العقل.
إذاً: فالله تعالى حرم الميتة فلا تؤكل ولا تباع، وحرم الخمر فلا تشرب ولا تباع، وحرم الخنزير فلا يؤكل ولا يباع، وكذلك حرم الله الأصنام فلا يجوز بيعها، وإن كانت أعيانها قد تكون طاهرة وتكون سليمة فقد تكون من حجارة أو من خشب فلا يجوز بيعها؛ لأنها أصنام تعبد من دون الله، لكن لو كسرت وحطمت وصارت قطعاً فإنه يمكن الاستفادة من هذه القطع وهذه الكسر؛ لأنها خرجت عن كونها صنماً، فيمكن أن يستفاد من هذه الحجارة في بناء أو في غير ذلك.