الوصية الثانية: السمع والطاعة لولاة الأمور، وذلك سبب لصلاح الدنيا واستقامة الأمور، وهذه الوصية بالسمع والطاعة مقيدة بأنها في غير معصية, ولما أمر الله عز وجل بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة الأمور في سورة النساء قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء:٥٩] فأمر بطاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام وطاعة ولاة الأمور، أعاد الفعل (أطيعوا) مع الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يعده مع ولاة الأمور, فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا بما هو حق، وكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الله، فجاء الأمر (أطيعوا) معاداً مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعد مع ولاة الأمور, فما قال: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر منكم.
وإنما قال:((أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)) وذلك للإشارة إلى أن طاعة ولاة الأمور إنما تجب تبعاً وليست استقلالاًَ، فهي تبع لطاعة الله ورسوله، أي أنه يسمع لهم ويطاع في حدود ما هو معروف، ولا يسمع لهم ويطاع في المعصية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(إنما الطاعة في المعروف) وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله).