جاء في آخر حديث الولاية من طريق آخر:(وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته) فهل يؤخذ من هذا إثبات صفة التردد، وما معنى هذا؟
الجواب
الحديث ورد، وهو بقية هذا الحديث في صحيح البخاري، والحديث أورده البخاري في (كتاب الرقائق) في (باب التواضع) فذكر الحديث وفي آخره هذه الجملة: (وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته) والمقصود من ذلك أن العبد يكره الموت، ويكره الشدة التي تكون عند الموت، والله عز وجل يكره مساءته، ولا بد له من الموت؛ لأنه ينتقل إلى خير؛ لأنه يلقى الله عز وجل فيجازيه على ما قدم من أعمال، فيكون في ذلك خير له، وإن كان حصول ذلك له بشيء يكرهه وهو الموت، فمعنى ذلك أنه يكون محبوباً من جهة ومبغوضاً من جهة، محبوب من جهة أنه يؤدي إلى ما هو خير، ومكروه من جهة أن العبد يكره ذلك، وهذا نظير الشيب الذي قال عنه القائل: الشيب كره وكره أن أفارقه فاعجب لشيء على البغضاء محبوب يقول: الشيب كره وأكره أن أفارقه؛ لأنَّه إذا نظر إلى ما قبله -وهو الشباب- صار الشيب غير مرغوب فيه، ولكن إذا نظر إلى ما بعده -وهو الموت- صار مرغوباً فيه، فيكون محبوباً باعتبار ومبغوضاً باعتبار.
فمن ذلك كون العبد يكره الموت والله تعالى يكره مساءته، فهو من هذا القبيل.
وأما قضية التردد بالمعنى الذي يدل على عدم العلم بما هي عليه الأمور مما يحصل من الناس فهذا لا يضاف إلى الله عز وجل؛ لأن الله تعالى عالم بكل شيء، وعالم ببواطن الأمور، وعالم بنهاية الأمور ولا يخفى عليه شيء، وإنما ذكر هذا من أجل بيان ما يحصل للعبد من كونه يكره الموت والله تعالى يكره مساءته.