إن البر يأتي مقروناً بالتقوى، كما قال الله عز وجل:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة:٢] وعند اجتماعهما يفسر البر بأنه فعل الطاعات، والتقوى بأنها ترك المعاصي، فيقسم المعنى على البر والتقوى، فيكون نصيب البر من ذلك فعل الطاعات، ويكون نصيب التقوى من ذلك ترك المعاصي، وإذا أفرد أحدهما عن الآخر اجتمع فيه ما يتعلق بالطاعات وما يتعلق بالمعاصي، كما في قوله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}[البقرة:١٧٧] فإن هذه الآية اشتملت على أمور قلبية، وقد جاء فيها ذكر خمسة من أركان الإيمان الستة دون الإيمان بالقدر، وجاء فيها أيضاً أعمال متعدية، فتكون شاملة للطاعات وللمنهيات، وإذا أفرد أحدهما عن الآخر فإنه يتسع للطاعات والمنهيات، فالبر إذا جاء وحده شمل الطاعات والمنهيات، والتقوى إذا جاءت وحدها شملت الطاعات والمنهيات، وإذا جمع بينهما يقسم المعنى بينهما، فيعطى البر ما يتعلق بالطاعات، وتعطى التقوى ما يتعلق بترك المعاصي، والإثم يأتي معه العدوان، وفي آية سورة المائدة:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة:٢] فيفسر الإثم بالمعاصي والذنوب، ويفسر العدوان بالاعتداء على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم وغير ذلك مما يكون فيه اعتداء عليهم، فيما هم مختصون به، وذلك بإتلافه أو بالإخلال به.