في ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول الموافق لمولده صلى الله عليه وسلم يحصل عند كثير من الناس إحداث الموالد والاحتفال بالمولد، وهذا ليس مما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن من عمل سلف هذه الأمة من الصحابة ومن بعدهم.
فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كانت مدة بعثته ثلاثة وعشرين عاماً، ولم يحصل منه فيها احتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه الراشدون من بعده لم يحصل منهم شيء من ذلك، ومدة خلافتهم ثلاثون سنة، بل مضى عصر الصحابة ولم يحصل من أحد منهم الاحتفال بهذا المولد، والصحابة هم أسبق الناس إلى كل خير، وهم أحرص الناس على كل خير، ولو كان خيراً لسبقوا إليه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وكذلك التابعون من بعدهم لم يحصل منهم شيء من هذه الاحتفالات بالموالد، لا مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا مولد غيره، وكذلك أتباع التابعين، وقد مضت ثلاثمائة سنة وزيادة على الثلاثمائة لا يوجد فيها شيء اسمه احتفال بالمولد أبداً، وكل الكتب التي ألفت في هذه الفترة قبل القرن الرابع لا يوجد فيها شيء عن الاحتفال، ولا ذكر للاحتفال، ثم وجد الاحتفال في القرن الرابع الهجري ولم يوجد قبله، وكل هذا يبين لنا أنه أمر محدث، وأنه من محدثات الأمور، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وشريعة الله عز وجل كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، والنبي صلى الله عليه وسلم ما انتقل من هذه الدار إلى الدار الآخرة إلا بعد أن بلغ البلاغ المبين، وبين للناس كل ما يحتاجون إليه، ولم يكن هناك شيء ترك وقد أمر بتبليغه عليه الصلاة والسلام، بل كل ما أمر بتبليغه بلغه على التمام والكمال، والله عز وجل أخبر بأنه ليس على الرسول إلا البلاغ، وقد جاء عن الإمام الزهري رحمة الله عليه أنه قال: من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.
فالله تعالى أرسل الرسل، والرسل بلغوا، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم بلغ الرسالة التي أرسل بها، ولم يترك شيئاً أمر بتبليغه دون أن يبلغه، وليس مما بلغه الاحتفال بالمولد.
وخلفاؤه الراشدون الذين أمرنا باتباع سنتهم مع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحصل منهم شيء من ذلك، بل وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم من أولهم إلى آخرهم ما حصل منهم شيء من ذلك، والتابعون كلهم من أولهم إلى آخرهم ما حصل منهم شيء من ذلك، بل وأتباع التابعين كلهم من أولهم إلى آخرهم ما حصل منهم شيء من ذلك.