الحديث مشتمل على قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة، وهو خبر بمعنى الأمر، والأمر قد يأتي بمعنى الخبر، كما أنَّ الخبر قد يأتي بمعنى الأمر، ومن الأول ما جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري البدري رضي الله تعالى عنه:(إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) فإن مما قيل في قوله: (فاصنع) أنه أمر بمعنى الخبر، ومعنى ذلك أن الإنسان الذي لا يستحي فإنه يصنع ما يشاء، فهو أمر بمعنى الخبر، وليس المقصود بالأمر ظاهره.
وهنا خبر بمعنى الأمر، ومعناه النهي عن الضرر والضرار، ومثله قول الله عز وجل:{فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ}[البقرة:١٩٧] فهو خبر بمعنى النهي عن الرفث والفسوق والجدال، يعني: فلا يرفث ولا يفسق ولا يجادل.
وهنا قوله:(لا ضرر ولا إضرار) يعني: لا يحصل منه ضرر ولا يحصل منه إضرار.
فهو نهي عن الضرر ونهي عن الضرار.
والحديث يدل على رفع الضرر والضرار، وعلى أن الواجب على المسلم ألا يحصل منه ضرر ولا ضرار لغيره، بل يحرص على ألا يحصل الضرر منه لا بقصد ولا بغير قصد.