الشيء الذي فيه احتمال الإسكار أو مظنة الإسكار لا يجوز، والشيء الذي ليس فيه ذلك فإنه سائغ، والرسول صلى الله عليه وسلم في أول الأمر منع الناس في أن ينتبذوا في أوعية معينة فيها سماكة وغلظ، وأنه قد يبلغ الشيء في داخلها إلى حد الإسكار، فنهى عن الانتباذ فيها كالدُّبّاء والحَنْتَم والنقير والمُزَفَّت كما جاء في حديث وفد عبد القيس، ولكنه في آخر الأمر كما جاء في حديث بريدة بن الحصيب الذي ذكر فيه ثلاثة أموراً فيها ناسخ ومنسوخ، فقال:(كنت نهيتكم أن تنتبذوا في الأوعية، فانتبذوا في كل وعاء، ولا تنتبذوا مُسكراً) يعني: انتبذوا في كلها لكن بشرط ألا تشربوا مسكراً.
فما دام أنه لم يصل إلى حد الإسكار فإنه مباح، فسواء انتبذتم في وعاء غليظ أو وعاء رقيق أو خفيف، المهم ألّا تشربوا مسكراً، وقد جاء في حديث بريدة بن الحصيب ذكر ثلاثة أمور، فقال:(وكنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، وكنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ألا فادّخروا، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية، فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكراً).
الخلاصة: أن ما عُرف إسكاره في الكثير منه فإنه يحرم قليله وكثيره، والذي لم يعرف إسكاره أو تحقق بأنه ليس بمسكر فإنه حلال.