للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمور ينبغي فعلها عند الغضب]

من الأسباب التي تبعد الغضب وتنهيه ويسلم الإنسان من التمادي فيه: أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعندما يغضب عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن هذا من عمل الشيطان، فهو الذي يريد من الإنسان أن يغضب، وأن يحصل له نتيجة لهذا الغضب أضراراً عليه في دينه ودنياه، فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، كما ثبت بذلك الحديث في صحيح البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أيضاً: إذا كان قائماً فعليه أن يجلس، وإذا كان جالساً فعليه أن يضطجع؛ وذلك لأنه إذا كان قائماً فإنه يكون أقدر وأنشط على أن يتصرف وعلى أن يفعل ويقدم على أمور لا ينبغي الإقدام عليها؛ لأن القائم والواقف قد يقدم على ما لا يقدم عليه الجالس، وكذلك إذا كان جالساً وبقي معه الغضب فإنه يضطجع، وقد جاء في ذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان في بيته أو مع أهله وحصل منه الغضب فعليه أن يخرج من المنزل، أو يترك المكان الذي حصل فيه الغضب؛ وذلك يجعل الإنسان يخف عنده الغضب ويهدأ، كما حصل من علي رضي الله عنه لما كان مع فاطمة رضي الله عنها وحصل بينهما شيء؛ ثم إنه خرج وذهب إلى المسجد لينام فيه، ثم جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إليه في بيته وسألها عنه، فأخبرته بالذي حصل، وأنه غضب وخرج، فبحث النبي صلى الله عليه وسلم عنه ووجده في المسجد، فجاء إليه وقد انحسر رداؤه وصار التراب على جسده، فكان يحثو عنه التراب ويقول: (قم أبا تراب، قم أبا تراب).

فعلى الإنسان أن يبتعد عن أسباب الغضب، وإذا وجد فيأخذ بالأسباب التي تخلص منه، ومنها هذه الأمور وهي: إن كان قائماً يجلس، وإن كان جالساً يضطجع، أو يخرج، أو يقوم من المجلس الذي وقعت فيه تلك الخصومة وذلك الغضب، حتى لا يحصل ما لا تحمد عاقبته؛ وكذلك أيضاً يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث -كما عرفنا- مع اختصاره ووجازته يدل على هذا الأمر العظيم، وعلى أهمية تلك الوصية، وأنها عظيمة لكونها وصفت بأنها وصية، ولكون النبي صلى الله عليه وسلم كررها، فكل ذلك يؤكد أهميتها ويدل على أهيمتها.

والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.