للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا ينفع أحد ولا يضر إلا بما كتبه الله تعالى وأراده]

ثم إنه عقب ذلك ببيان أن الأمور كلها بيد الله عز وجل، وأن الإنسان يعول على الله عز وجل بسؤاله واستعانته؛ لأنه هو الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو قادر على كل شيء، وغيره لا يقدر إلا على ما قدره الله عليه، ولا يحصل منه إلا ما قدره الله تعالى وقضاه، فلما ذكر الأمر بسؤال الله عز وجل والاستعانة به عقب ذلك بأن الناس لا ينفعون الإنسان بشيء إلا وقد كتب له، ولا يضرونه بشيء إلا وقد كتب عليه، فلا يحصل في ملك الله إلا ما أراده الله، ولا يحصل في ملك الله شيء لم يرده الله عز وجل؛ بل ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك) أي: أنه لا يحصل بهم شيء غير مقدر؛ بل كل ما يحصل منهم فهو مقدر، فما يحصل منهم من خير لك فهو مقدر لك، وما يحصل منهم من شر عليك فهو مقدر عليك، والله عز وجل سبق قضاؤه وقدره بذلك وسبقت كتابته بذلك، وهو واقع لا محالة.

أي: أن ما قدره الله لك لا بد أن يحصل لك، وما قدره الله عليك من الضرر فلا بد أن يقع عليك، ولا يحصل في ملك الله إلا ما شاءه الله عز وجل، فالعباد لا ينفعون إلا إذا شاء الله عز وجل نفعهم، ولا يضرون أحداً إلا إذا شاء الله ضررهم لذلك الذي أرادوا ضرره، فالأمر كله يرجع إلى مشيئة الله وإرادته وإلى قضائه وقدره سبحانه وتعالى.