للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[خطورة شأن اللسان]

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى.

فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا).

وهذا يبين لنا خطورة شأن اللسان، وأن أمره خطير، وأنه ليس بالأمر الهيّن، وأنه هو الذي يوقع الإنسان في المهالك ويتسبب في العطب، ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لـ معاذ قال له معاذ: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم-)] وهو شك من الراوي في كونه ذكر الوجوه أو المناخر-: (إلا حصائد ألسنتهم).

يعني: جزاء وعقوبة ما يحصل من الألسنة من الكلام السيء في هذه الحياة الدنيا، فهذا هو الذي يوصلهم إلى النار، وهو الذي يوقعهم فيها؛ لأن الناس في هذه الحياة الدنيا يزرعون، فالحياة الدنيا هي دار الزرع ودار العمل، والآخرة دار الحصاد، فالناس يحصدون ويحصلون أجر ما قدموا، إن قدموا خيراً وجدوه، وإن قدموا شراً وجدوه، كما قال الله عز وجل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه} [الزلزلة:٧ - ٨]، وجاء في الحديث القدسي: (يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).

وفي هذا بيان عظم شأن اللسان، وأن أمره ليس بالأمر الهين، بل شأنه خطير، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراًَ أو ليصمت) وفي الحديث المتفق على صحته: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)، والذي بين اللحيين هو اللسان والذي بين الرجلين هو الفرج.