قوله:(وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال -أي: في حق المرسلين-: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}[المؤمنون:٥١])، فأمرهم بأن يأكلوا من الطيبات، وهو كل ما كان حلالاً مباحاً، (وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}[البقرة:١٧٢]) فالله تعالى أمر باستعمال الطيب وبأكل الطيب، وهذا الأمر للرسل وللمؤمنين.
ومن المعلوم أن الرسل لا يحصل منهم الأكل إلا مما كان طيباً، وعلى المؤمنين أن يتبعوا الرسل فلا يأكلوا إلا ما كان طيباً، إذ الرسل أمروا بأن يأكلوا من الطيبات وهم لا يأكلون إلا الطيبات، والمؤمنون أمروا كذلك بما أمر به المرسلون، وعليهم أن يتبعوا المرسلين، وأن يقتدوا بهم في أنهم لا يأكلون إلا الطيب، وأن لا يأكلوا الحرام، وقد ذكر الله عز وجل من صفات نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في التوراة والإنجيل: أنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد أمر الله المؤمنين بما أمر به المرسلين من الأكل من الطيبات؛ لأنه ذكر أنه تعالى طيب ولا يقبل إلا طيباً، ثم ذكر أنه أمر المرسلين بأن يأكلوا من الطيبات، وأمر المؤمنين بأن يأكلوا من الطيبات.