وذكر الاستطاعة مع الحج وإن كان كل عمل يؤتى به على قدر الاستطاعة، كما قال الله عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن:١٦] لأن الحج يحتاج فيه إلى استطاعة مالية واستطاعة بدنية، وذلك أمر واضح، بخلاف غيره، فإنه وإن كان الأمر مطلوباً فيه الاستطاعة إلا أن الاستطاعة في الحج أعظم من غيره، ولهذا قال:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران:٩٧]؛ لأنه قد لا يستطاع إليه سبيلاً، بخلاف الصلاة، فالإنسان له أن يصلي على حسب قدرته، فإن استطاع أن يقوم قام، وإن لم يستطع صلى جالساً، والزكاة لا تجب إلا على من كان له مال، والصوم لا يجب إلا على من كان قادراً، وإذا كان له عذر طارئ كالمرض والسفر فإنه يفطر، ولكن يقضي، والحج هو الذي يحتاج إلى الكل، فهو الذي فيه المشقة، ولهذا قيل: إنه يجمع بين العبادة المالية والعبادة البدنية.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.