[حرص الصحابة على الخير وبيان طلب الصالحين للجنة وخوفهم من النار]
هذا حديث عظيم جامع مشتمل على أمور عظيمة من وصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لـ معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه.
وسؤال معاذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدله على عمل يقربه من الجنة ويباعده من النار يدلنا على حرص الصحابة على معرفة الحق وعلى معرفة ما يقربهم إلى الله عز وجل وما يحصلون به الثواب من الله سبحانه وتعالى، فهم الحريصون على كل خير والسباقون إلى كل خير رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
قوله: [(دلني على عمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار)] فيه إثبات الجنة والنار، وأنهما موجودتان، وهما باقيتان لا تفنيان ولا تبيدان، وفيه -أيضاً- أن عبادة الله عز وجل لتحصيل الجنة والسلامة من النار شأن سلف هذه الأمة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس كما يقول بعض الصوفية: ما عبدت الله رغبة في جنته ولا خوفاً من ناره، وإنما شوقاً إليه! فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهم خير الناس، وأفضل الناس- يسألون الله الجنة ويعوذون به من النار، ويبحثون عن الأعمال التي توصل إلى الجنة والأعمال التي بها يتخلصون من النار ويبتعدون عنها.
والله عز وجل قد أخبر عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال:{وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ}[الشعراء:٨٥].