وآخر الأبواب من الجزء الأول " باب الأودية، الغلان أحدهما غال، وهي الأودية الغامضة في الأرض ذات الشجر والسلان. واحدها سال، وهو المسيل الضيق في الوادي، ينبت فيه السلم والخواب والجلواخ والسحبلى. الواسع من الأودية وجزع الوادى: خارج ضفته من جانبيه، ويقال منعرجه، حيث ينعطف، وكذلك المحنية والضوج بالضاد والجيم والصوح، حائطه وهما صوحان والبعشط: سرة الوادى، وكذلك اللجف، وسرارته. خيره، واللحج، الشئ في الوادي يكون نحوا من الدخل في أسفله. وأسفل البئر والجبل، كأنه نقب يضيق فمه ثم يتسع أسفله، ثجرته ويهرته وسطه ومعظمه، وجلهمته: ما استبلت من حروفه. وجمعها جلاهم، وأعراضه، جوانبه وأحدها عرض، والشجون، أعاليه، وأحدها شجن وهي الشواجن أيضا، والحاجر، ويمسك الماء من ضفتيه والجميع الحجران والشعب: مسيله وجمعه شعبان ... انتهى النصف الأول من " المنتخب " بحمد الله وحسن عونه.
وهذا الجزء يقع في ٢٩٨ صفحة. بكل صفحة نحو عشرين سطرا، وبكل سطر نحو ٨ كلمة وهو بخط معربي غير رديء.
أما القسم الثاني من مؤلفاته. وهو ما يشمل الكتب التي فقدت أصولها، وقد بقيت بعض اقتباساتها يمكن من خلالها أن نقدر قيمة الكتاب ومكنته بين مؤلفات الفن. وقد وجدنا كتابا واحدا من هذا القسم، وهو شرح السيرة النبوية لابن هشام، ولعله هو المراد بمشاهد ابن هشام عند القاضي عياض رحمة الله.
[مشاهد ابن هشام]
وكان للأندلسيين كبير الشغف والاعتناء بقراءة السيرة النبوية وروايتها وشرحها: ولهم في ذلك أعمال جسام وكتب حسان، وناهيك من الدليل عليه. كتاب " الروض الأنفي تفسير ما اشتمل علية حديث السيرة النبوية لابن هشام تأليف أبي القاسم السهلي رحمه الله وأيضاً كان لهذا الكتاب شرح للشيخ أبي بحر سفيان بن العاصي. وقد استفاد منه السهلي ونبه على أخطائه في الروض الأنف في كثير من المواضيع. وأبو بحر هذا من تلاميذ الوقشي النابهين النوابغ.
وكان الوقشي رحمه الله قرأ هذا الكتاب على شيخه الأمام الأكبر الفقيه المقرئ أبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي رحمه الله وكانت رواية الطلمنكي، وسنده في السيرة لأبن هشام، عن أبي جعفر أحمد بن عون الله بن حديد البزاز، عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن الورد بن زنجويه البغدادي، عن أبي سعيد عبد الرحيم البرقي، عن ابن هشام رحمهم الله.
روى السيرة النبوية لأبن هشام، من طريق الوقشي، ابن خير الأشبلي وذلك عن الشيخ أبي بحر سفيان العاصي الأسدي قرأة عليه، وقال أنه قرأ على الشيخ القاضي الوليد هشام بن أحمد الوقشي.
وأيضاً رواها عن طريقه أبو القاسم السهلي، وذلك عن أبى مروان عبد الملك بن سعيد بن بونة القرشي العبدرى، عن أبي بحر الأسدي، عن أبى الوليد الوقشي الكناني.
وقد رأينا من خلال قرائتنا للروض الأنف، أن السهيلي كان قد عكف على نسخة الشيخ أبى بحر، من شرح السيرة النبوية، واستفاد منه في كثير من المواضيع، وأنة لا يذكر اسم الوقشي لا قليلاً، ويقول في اكثر الأحيان هكذا وقع في نسخه الشيخ أو في شرح الشيخ أبى بحر رحمه الله مع أن شرح أبي معظمه كان مأخوذا من شرح الوقشي والمواضع من الروض الأنف التي ذكر فيها اسم الوقشي وشرحه، تزيد من ثلاث موضعا ومن ثلاثة هامة جداً وتلف أنظارنا ولابد من ذكرها لأنها تلقي ضؤا كافيا وتوضح لنا واضحا جليا مكانة الشرح وقيمته كما أنها تشرح لنا شغف الرجل وولوعه بجمع الكتب الثمينة. والمواضيع هي: - الأول، وهو تعليق على بيت لعبد الله بن الزبعري من شعره في وقعة الفيل وهو " الكامل ".
ستون ألفا لم يؤولوا أرضهم ... ولم يعش بعد الإياب سقيمها
فيعلق عليه السهلي قائلا: وقول " ولم يعش بعد الإياب سقيما " هكذا في النسخة المفيدة على أبى الوليد، المقابلة بلأصلين اللذين كانا عنده وقابلها أبو بحر رحمه الله بهما مرتين الثاني: وهو تعليق على بيت الأمية بن أببي الصلت من شعره في سيف بن ذى يزن الحميري " البسيط "
ليطلب الوتر أمثال ذي يزن ... ريم في البحر للأعداء أحوالا