وللكتاب نسخ مخطوطة في مكتبات العالم، كالقاهرة، والاسكوريال، وفاس، والقيروان. ذكر ذلك الأستاذ الكبير بروكلمان في تكملته ١١٨٥. وفي نهاية الكتاب الثاني من الأقتضاب عبارة ما نصها: " نجز الكتاب بحمد الله، وحسن معونته، وصلى الله على محمد، خاتم أنبيائه، في اليوم الثاني من ذي القعدة، سنة خمس وثمانين وخمسمائة فاظاهر أن النسخة التي عول عليها المحقق كانت قد كتبت بعد موت ابن السيد بقرن والنصف، أو نحو ذلك.
[٢ - شرح سقط الزند]
كان ابن السيد رحمه الله من المعجبين بشخصية المعري المولعين بشعره، كما ذكرنا قبل ذلك. وكان قد اذخ شعره عن أخيه أبي الحسن ابن السيد، وعبد الدائم القيرواني، وأبي الفضل الدرامي البغدادي، الذي ذكره ابن السيد فقال: أنه شيخه في شعر ابي العلاء المعري. وقد شغل بأبي العلاء، وشرح شعره، واختار من دواوين شعره، سقط الزند، فشرحه، واستوفى فيه المقاصد، كمل يقول ابن خلكان. وهو أجود من شرح صاحب الديوان، أبي العلاء نفسه، الذي سناه " ضوء السقط " ويعد هذا الشرح أقوى شروح سقط الزند، وأكثرها نفعا وأوفاها استيعابا.
وليس شرح ابن السيد خاصا بسقط الزند، وإنما يتناول مؤلفه طائفة أخرى من شعر المعري، في كتبه الأخرى، كجامع الأوزان، ولزوم مالا يلزم، إلا أنه مع هذه الزيادات، التي ضمها إلى شرحه هذا، فقد فاته بعض القصائد من بسقط الزند.
وقد انفرد ابن السيد من بين شراح بسقط الزند، بترتيب شرحه على نظم حروف المعجم، وقد صرح بذلك، حيث قال: " ورأيت أن ترتيبه، عل نظم حروف المعجم، أتم في الوضع، وأجمل للتصنيف، فاحتجت لذلك إلى أن أزيد فيه ما يفي بالغرض ". إلا انه وضع ترتيب الحروف على طريقة المغاربة، وليس على طريقة المشارقة.
" وهذا الشرح، يمتاز بكثرة التعرض للتحقيقات اللغوية، والمسائل النحوية وهو شديد الولوع بالموازنة والمقابلة، بين معاني أبي الطيب وأبي العلاء، وليس بدعا منه أن يسرف في ذلك فان اتبطليوسي قد تصدى لشرح ديوان المتنبئ، فكان لذلك أثره في استيعابه لشعره، ومعانيه، وهو أيضا، يلتزم التسجيع في أكثر عباراته، فلا ينزل إلى التكلف، وإنما يصطنع ذلك في سهولة ويسر.
وللكتاب عدة نسخ، توجد في شتى مكتبات العالم. منها في تونس، والقاهرة. وقد طبع هذا الشرح مع شرحي الخوارزمي، والتبريزي، في القاهرة، بإشراف وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وتحقيق لجنة مكونة من الأساتذة الأعلام.
[٣ - كتاب الانتصار]
وقد جاء ذكره بهذا الاسم في المعجم لابن الأبار " ص٣٠١. حيث قال إن الفتح سمعه من ابن السيد سنة " ٥١٦ ". وقد قام بنتحقيقه، ونشره، الأستاذ الكبير الدكتور حامد عبد المجيد، وأخرجه باسن " الانتصار ممن عدل عن الاستبصار " وذكر أنه لم يتحقق اسمه من نسخة المخطوطة، التي وصلت إلى يده، لأنها تختلف في اسمه ولا تعينه واحدة منها، وإنما جعلت كل منها للكتاب اسماء اقتسمه من قول المؤلف في صدر تأليفه، مشيرا إلى موضوع الكتاب، وقال إن اسم الكتاب هذا، قد اكتشفه من مخطوطة بدار الكتب المصرية " برقم ١١ لغة م "، وهي نسخة كتاب " القول المأنوس في شرح مغلق القاموس " لبدر الدين محمد بن عمر بن حسن.
موضوع الكتاب، هو رد اعتراضات أبي بكر محمد بن عبد الله ابن العربي على ابن السيد في شرح بسقط الزند، كما يصرح به في خطبة الكتاب ويقول: " رأيت اراك الله منهج الحق، وسننه، وجعلك من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اعتراضات ابن العربي علينا في شرح شهر المعري. ولسنا ننكر معارضة المعارضين، ومناقضة المناقضين، فانها سبيل العلماء المعروفة، وطريقهم المألوفة " الطويل ":
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نيلا أن تعد معايبه