فيعلق عليه السهيلى: " وقولة في شعر أمية بن أبى الصلت: ريم في البحر، أي أقام فيه، ومنه الروائم، وهي الأثافي كذلك وجدته في حاشية التي عارضها بكتابى أبى الوليد الوقشي، وهو عندي غلط لأن الروائم من رأمت وإذا عطفت وريم ليس من رأم، وإنما هو من الريم وهو الدرج أو من الريم الذي هو الزيادة والفضل أو من رام يريم إذا يريم إذا يرح كأنه يريد غاب زمانا وأحوالاً ثم رجع للأعداء وارتقى في درجات المجد أحوالا، أن كان من الريم الذي هو الدرج ووجدته في غير هذا الكتاب خيم مكان ريم فهذا معناه أقام.
الثالث: وهو أيضاً تعليق على بيت العدى بن زيد العبادي الحميري من شعره يذكر فيه بن تبع " المسرح ".
بعد بني تبع نخاورة ... قد اطمأنت بها مرازبها
فيقول أبو القاسم السهيلي معلقاً علية: وقوله بعد بنى تبع بجاورة هكذا في نسخة سفيان بن العاصي الأسدي وقد كتب مصححا عليه وقد كتب في الحاشية نخاورة في المين وفى الححاشية النخاورة الكرام، وكذلك في المسموعة على ابن هشام يعنى نسختى أبى الوليد الوقشي، اللتين قابل بهما مرتين ويعني بالحاشية، حاشية تينك الأمين، وأن فيهما نخاورة بالنون والخاء المنقوطة، وهم الكرام كما ذكر.
وقد جاء ذكر شرح الوقشي في عير هذه المواضع الثلاثة، وذلك في الجزء الأول على الصفحات ٤، ٢٩، ٣٨، ٤٣، ٦٤، ٧١، ٧٢، ١٠، ١١٥، ١٦٦، ٦٦٥، ٢٣١، ٢٥٥، ٧٧، وفي الجزء الثاني على الصفحات ٩، ٤٣، ٥، ٦٤، ٢٠٤، ٢٠٥، ٢١٣، ٢٤٣، ٢٥٧، ٢٦٣، ٢٧١، ٣٤١، ٣٦٠.
وقد عرفنا قيمة شرح الوقشي، ومدى فائدته، ومكانته عند علماء الأندلس من أمثال أبى بحر وأبى القاسم، كما أننا قد عرفنا أن عنده كانت نسختين من السيرة النبوية لابن هشام اللتان عرفتا عند العلماء بالنسختين الأمين. وكانوا يعارضون بهما، وأن إحدى النسختين كانت مسموعة على ابن هشام، وهي نسخة أبى سعيد البرقي التي كان قد قرأها على شيخه الإمام أبى محمد عبد الملك ابن هشام المعافري الحميري البصري المتوفى بمصر سنة ٢١٣ هـ.
أما النسخة الثانية فلا نجزم فيها القول إلا أننا نظن أنها أيضا كانت قد قرأت بعضها على ابن هشام. ونستدل ببيان السهيلي حيث ذكر نسخة من السيرة التي كان شيخه أبو بحر نقل عنها، وهذا نص بيانه: وذكر الشيخ أبو بحر سفيان بن العاصي رحمة الله في هذا الموضع، قال: " نقلت من حاشية نسخة من كتاب السيرة، منسوبة بسماع أبى سعيد عبد الرحيم بن عبد الله بن عبد الرحيم، وأخويه محمد وأحمد أبني عبد الله بن عبد الرحيم، ما هذا نصه: وجدت بخط أخي قول أبن هشام هذا مما لم يذكره ابن إسحاق، هو غلط منه، قد ذكره ابن لإسحاق عن جعفر بن عمرو بن أمية عن عمرو بن أمية، فيما حدث أسد عن يحيى بن زكريا عن ابن إسحاق ". والقائل في الحاشية " وجدت بخط أخي " هو أبو بكر بن عبد الله عبد الرحيم. وفي الكتاب المذكور جاء قول أبى بكر المذكور في غزوة الطائف، بعد قوله: " فولدت له داود بن أبى مرة إلى هاهنا انتهى سماعي من أخي، وما بقي من هذا الكتاب سمعته من ابن هشام نفسه ".
فانك ترى أن هذه النسخة التي نقل عنها أبو بحر كانت قد قرأت بعضها على أبي سعيد عبد الرحيم بن عبد الله وأخويه، وبعضهما على ابن هشام، والقارئ هو أبو بكر بن عبد بن عبد الرحيم، ولا ندري أين رآها الشيخ أبو بحر؟ أعند الوقشي فتكون إحدى نسختيه الأمين، أو وجدها في مكان آخر، والأول هو أقرب الاحتمالين، والله أعلم بالصواب، وهو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
وأما القسم الثالث المفقود أصلاً من مؤلفات الوقشي، فانها مذكورة منسوبة له عند بعض أصحاب التراجم والطبقات، ولم نعثر عليها بعد إلا على أسمائها، وموضوعاتها ومحتوياته وهي:
[عكس الرتبة في تهذيب الكنى لمسلم]
وكان الإمام الحافظ أبو الحسين مسلم بن الحجاج القثيري المتوفى سنة ٢٦١ هـ، قد ألف كتابا في أسماء الرواة وكناهم، وسماه كتاب الأسماء والكنى وذكر بعضهم أنه في أربعة أجزاء، وتداوله الأندلسيون فيما تداولوا من كتب المشارقة، وشرحوه، وهذبوه، فمن الشارحين المهذبين صاحبنا أبو الوليد الوقشي، وقد ذكر شرحه هذا القاضي عياض فقال: " وله ردود وتنييهات على كبار أهل التصانيف التاريخية والأدبية يقضي ناظرها بالعجب وناهيك من حسن كتابة في تهذيب الكنى لمسلم، الذي سماه بعكس الرتبة.