أما مكانة هذه النكت، وقيتها الأدبية، فاننا قد فرفنا أن عالما من علماء الأندلس وعلما من أعلام الأدب والشعر بها منأمثال أبي السحن ابن سعد الخير يجمعها، ويضعها إلى طرر الإمام ابن السيد. وكذلك فقد عرفنا في خلال الدراسة والتحقيق لهذا السفر أن ابن السيد كان قد استفاد مما كتبه أبو الوليد الوقشي على الكامل من الطرر والنكت. لأننا نراه يصرح بذلك أحيانا انظر إلى طرتهما على قوله " للغدر خائنة مغل الأصبع ". علق عليه الوقشي فقال " إنما وجه دخول الهاء في خائنة على المالغة، وهو يريد خائنا على حد دخولها في راوية. وعلامة. وفهامة ثم يعلق عليه ابن السيد فيقول: " لا يحتاج " المبرد " إلى هذا التعسف، دون ضرورة تقودج إليه، زلا سبب يحمل عليه، وما ذكره أبو الوليد الوقشي، هو الوجه الصحيح، الذي لامرية فيه، وكلام أبي العباس من الخطأ عديم الصواب ". فقد دل هذا على أن ابن السيد كان قد قرأ نكت الوقشي قبل هذا الكلام. ثم انظر إلى طرتمها الأخرى على قوله " وقد يقال أصبع وإصبع يعلق عليه الوقشي فيقول ": " قال " المطرز: قال ثعلب كل مثال في الفعل الثلاثي والرباعي، آمر كنت أو مخبراً فهو مثل إصبع على اختلاف لغاتها. قال ثعلب: وأخبرني ابن نجدة قال، قال سيبويه: ويقالا لها أيضا أصبع. قال ثعلب: وهذه خارجة عن مثال الفعلين: وسيبويه ثقة ثم يعلق عليه ابن السيد فيقول: ليس ما حكاه سيبويه بخارج عن مثال الفعلين كما ذكره لأن ممنالعرب من يكسر همزة الوصل مع انضمام ثالث الفعل في الأمر. قال ابن جني في الأنملة من اللغة ما في الأصبع " وقد استفاد البغدادي من هذه النكت كما ذكرنا. ومما أعجبني من أسلوب الوقشي أنه يتكلم على المسائل اللغوية، والنحوية أو الدينية والتاريخية كباحث عارف بأصول البحث وأسالبيه المعروفة في عصرنا الحديث. انظر إليه كيف يتنبه إلى التضاد أو التناقض الذي وقع في كلام المبرد ثم يعلق عليه فيقول:" وقوله فوجه إلى محمد بن إسحاق بن الأشعث والى ابن زحر. قد تقدم قبل هذا زحروقال هنا ابن زحر. فانظر فان زحر بن قيس شهد صفين مع على، وابنه جبلة بن زحر، كان على القراء يوم الجمماجم، وهو من بدأء ابن سعد بن عمرو بن ذهل بن مروان بن جعفي بن سعد العشيرة بن مذحج وأزاره ابن زحر على ما يعطيه زمانه وسن من قرن به في هذا الخبر ".
فهذه العبارة تدل على خبرة صاحبها ف يميدان البحث، والتحقيق كم أنها تدل على سعة معلوماته عن رجال التاريخ. كأسمائهم، وأنسابهم، وأعمارهم، ووفياتهم، وقرانهم إلى غير ذلك.
وقد عنى أبو الوليد الوقشي في لكته على الكامل وشرحه له بهذه الموضوعات: ١ - أسماء الرجال وأنساب الأعيان وتراجهم.
٢ - الأخبار، والمغازي، والتاريخ.
٣ - الحديث النبوي كغريبه زطرق روايته، أو معانيه، وشرحه ٤ - المسائل الفقهية، والعقائد الدينية.
٥ - معاني الأبيات، التي أوردها المبرد، أو صلتها بالقصائد، وذلك قليل نادر.
٦ - اللغة وغريبها، أو اشتقاق الكلمات، موادها، أو اوزانها مفردا، وجمعا.
ويجب الإشارة إلى بعض ما لا يعجب القارئ به فمن ذلك: في كرم الوقشي غموض، وايهام، وأحيانا تخليط، وتخبط في العبارة والمعنى كليهما كما سنراه في خلال قرأة المتن ودراسته، أن شاء الله. س وأحيانا يأخذ على المبرد من غير حل، ولا جواز، أو يخطئ فيما يأخذ عليه وقد نبهنا على اإلاطه هذه في موضعها من الكتاب إن شاء الله وفي بعض الأحيان نراه يثور علىالمبرد فيطعن في عمله، ويتهمه بالغفلة الشديدة والجهل بالأخبار، والمغازي، واللغة، وهذا مما لا يليق بشأن عالم رباني، من أمثالا أبي الوليد الوقشي فرحمه الله، ورحم المبرد.
وفي بعض الأحيان يأتي بما ينهى عنه المبرد، وهو عيب كما قال أحدهم " الوافر ":
إذا فعل الفتى ما عته ينهى ... فمن جهتين لا جهة أساء