وكان قد ألف هذا الكتاب، وهو ببجاية، لمحمد بن علي بن حمدون، وزير بني الناصر الصنهاجين، وجمع فيه أشعار الكامل للمبرد، والنوادر لأبي علي القالي، وسماه نظم القرطين وضم أشعار السمطين.
[٢ - الحاصل من الكامل]
وقد لخص الكامل، وهذبه الحسن بن الحسين القيسراني، وسمى تلخيصة:" الحاصل من الكامل ". وهذا الكتاب توجد نسخته المخطوطة في مكتبة أحمد الثالث باستانبول، وهي كتبت في القرن الثالث الهجري كما جاء في فهرس المخطوطات المصورة.
[٣ - تهذيب الكامل]
وأخيرا قد هذب الكامل ورتبه على فصول، وأبواب حسب المادة، الموضوع الأستاذ السباعي بيومي، المتخرج في مدرسة دار العلوم، في جزئين، الجزء الأول يختص بالاختيارات النثرية، والثاني يشتمل على الشعر المختار من الكامل. وقد ظهرت الطبعة الأولى من الكتاب في القاهرة سنة ١٣٤١هـ ١٩٢٣م. والغرض الذي قصد إليه الأستاذ السباعي غرض مفيد جدا، وخاصة للطلاب.
[" ٩ " الكامل والأندلس]
[١ - اهتمامهم وعنايتهم بالكامل]
كتاب الكامل للمبرد من الكتب، التي حازت إعجاب الأندلسيين، وعنايتهم، فبذلوا جهدهم في دراستها، قرائتها، وروايتها، وانتشارها، وكتبوا لها شروحا أو اختصروها، أو علقوا عليها، وأصلحوا من أخطائها، ونيهوا على أغلاطها، وكفى شاهدا على إعجابهم بالكامل، وعنايتهم به أن جميع النسخ للكامل - مخطوطها ومطبوعها - الموجودة المحفوظة في العالم، المعروفة المكتشفة إلى الآن، وهي كلها برواية على بن سليمان الأخفش من تلاميذ المبرد " ورواية الأخفش هي أشهر الروايات وأهمها عند المغاربة " وأشهر هذه النسخ وأصحها " والنسخ المطبوعة كلها " تبدأ ياسمين من العلماء المغاربة الأعلام، وهما أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز الممعروف بأبن القوطية الأندلس المتوفى سنة ٣٦٧هـ، وأبو عثمان سعيد بن جابر الأشبيلي المتوفى سنة ٣٢٧هـ. أستاذ الأندلس وشيخها في رواية الكامل. وأن من أقدم شروحه، التي وصلت إلينا حتى الآن شرحين للعالمين الأندلسيين، وهما أبو محمد أبن السيد البطليوسي، وأبو الوليد الوقشي - رحمهما الله - ونقدمهما الآن للقراء الأفاضل.
وقد اكتشفنا في خلال دراستنا وتحقيقنا لهذا السفر، الذي بين أيديكم الآن، أن الكامل للمبرد كان له انتشارا واسعا، وقبولا عاما عند كافة الطبقات الأندلسية، وكانت النسخ المتداولة عندهم كثيرة جدا " وأكثرها كانت محفوفو بالأخطاء والأغلاط ". وخاصة في عهد صاحبنا - أبن السيد والوقشي - فأننا نراها يذكران في كثير من المواضيع في طررهما على الكامل: قد وقع في بعض النسخ كذا وفي بعدها كذا إلخ.. ويؤيد ما وقع في كتب التراجم الأندلسية من اختصاراتهم للكامل، وشروحهم له، وتعليقاتهم عليه، وتنبيهاتهم على أخطائه، وأغلاطه، وأيضا من عنايتهم به، وعكوفهم عليه دراسة ورواية وحفظا ولهم آراء نقدية في الدواوين الأربعة المذكورة فمنها ما قاله أبو محمد علي بن أحمد، وقد ذكر كتاب أبي علي القالي المسمى بالنوادر في الأخبار والأشعار:" وهذا الكتاب مبار للكتاب الكامل الذي جمعه أبو العباس المبرد، ولئن كان كتاب أبي العباس أكثر نحوا، وخبرا، فأن كتاب أبي علي لأكثر لغة وشعرا. وهذا رأى قوى صائب، لا يمكن إنكاره أو تغليطه عندما تقارن بين الكتابين، ونوازن بين مواردهما ومعلومماتهما، زمنها ما كان شائعا على ألسنتهعم من تسمية الكتب الأربعة بدواوين الأدب وأركانه، وأصوله، فقد قال المؤرخ العلامة أبن خلدون: " وسمعنا شيوخا في مجالس التعليم. أن أصول هذا الفن " علم الأدب " وأركانه أربعة دواوين، وهي أدب الكتاب لأبن قتيبة، وكتاب الكامل للمبرد، وكانت البيان والتبيين للحاجظ، وكتاب النوادر لأبي علي القالي البغدادي، وما سوى هذه الأربعة، فتبع لها، وفروع عنها.