للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقبل أن نتقل إلى الفصل القادم، للكلام على مؤلفات ابن السيد، ثم على شيوخه، وتلاميذه، ونختم كلامنا عن محاسن الرجل، ومزاياه، لا بدلنا أن نذكر هاهنا كتتمة لهذا الفصل ونهايته - قول الفتح ابن خاقان، الذي ختم به تأليفه البارع عن حياة شيخه، الفقيه الأجل أبي محمد ابن السيد البطليوسي رحمة الله، وهذا نصه: " قال أبو نصر: ما سمح به خاطر، لم تخطر عليه سلوة، وذهن ناب لم ترهف له نبوة، ووقت أضيق من المأزق المتداني، ومقت للزمن شغلنى عن كل شيء وعداني أتجرع به الصاب، وأتدرع منه الأوصاب، فما أتفرغ لانشاء قول، ولا أصحو من الانتشاء من هول، وإلا فمحاسن الرجل كانت أهلا أن يمتد عنانها، لكن عاق عن ذلك الدهر الذي شغل، وأوغلنا في شعاب الأنكاد حيث وغل ".

[مؤلفاته]

يصرح ابن القفطي في انباه الرواة، أن ابن السيد البطليوسي، كان قد ألف تواليفه الكثيرة، وهو في بلنسية. إلا أنه لم يبدأ بها التأليف لأول مرة، وإنما كان قد بدأ هذا العمل السامي، في عهد منكر جدا، لأنه يقول في مقدمة المثلث، بأنه كان قد ألف، في هذا الموضوع، كتابا آخر من قبل، وذلك عام سبعين وأربعمائة، فاذا كان مولد ابن السيد، كما صرحت به المصادر إجماعا، هو عام ٤٤٤هـ، فمعنى ذلك أنه كان قد أخذ في التأليف في ميعة الشباب، وعنفوانه، وذلك في نحو السادسة والعشرين من عمره. إلا أنه يعترف بأن التأليف الثاني في المثلث، خير الأول، كما جاء في المثل الفارسي ما معناه: " أن محاولة الفنان الثانية تكون أجمل من الأولى ".

ومؤلفات ابن السيد التي تزيد على عشرين كتابا، تنقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: هي الكتب التي طبعت ونشرت. والقسم الثاني يشمل الكتب من مؤلفات ابن السيد التي عرفنا عن وجود نسخها في شتى مكتبات العالم، ولم تطبع إلى الآن، فيما بلغنا. والقسم الثالث: من مؤلفاته هي الكتب التي فقدت أصولها، وذهب بها الزمام وعصفت بها يد الأيام، ولم نعثر على وجود بسخة منها. فمن القسم الأول: ستة كتب، والثاني: خمسة كتب، والثالث: أحد عشر كتابا فيما علمنا.

[القسم الأول من مؤلفات ابن السيد]

[١ - الاقتضاب في شرح أدب لكتاب]

بهذا الاسم سماه المؤلف، وبهذا الاسم ذكره أصحاب التراجم، والمؤرخون من أمثال ابن بشكوال، وابن خاقان، وابن خلكان، والمقرى في نفخ الطيب، وأزهار الرياض، وابن خير الاشبيلي في فهرسته، والحاج خليفة سوى السيوطي، والأستاذ بروكلمان، فانهما يذكرانه باسن شرح أدب الكاتب.

وقد اشتهر ادب الكتاب لابن قتيبة، عند المغاربة باسن أدب الكتاب، فان ابن خير يقول في فهرسته: " كتاب أدب الكتاب لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري رحمه الله، حدثني به الأستاذ أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن الرماكا النحوي، رحمه الله، وقراءة منى عليه، قال: حدثني به الأستاذ أبو الحسن على بن عبد الرحمن التنوخي، رحمه الله، قراءة منى عليه، قال: حدثني به الأستاذ أبو الحجاج يوسف بن سليمان النحوي الأعلم الخ ".

وبهذا الاسم، قد شرحه كثير من علماء المغاربة، ومنهم أبو الحزم الحسن بن محمد بن يحي بن عليم الأنصاري البطليوس رحمه الله. وقد ذكره المقرى باسم " شرح أدب الكتاب ". وكذلك ابن السيد، قد صرح في خطبة شرحه لأدب الكاتب أنه موسوم بأدب الكتاب.

وقال ابن خلكان، وقد ذكر أدب الكتاب لابن قتيبة: " وقد شرح هذا الكتاب أبو محمد ابن السيد البطايوسي، شرحت متوفى، ونبه على مواضع الغلط منه، وفيه دلالة على كثرة اطلاع الرجل، وسماه الاقتضاب في شرح أدب الكتاب ". وكذلك قال الحاج خليفة عند وكلامه على أدب الكاتب لابن قتيبة، " وله شروح أجلها شرح الفاضل الأديب أبي محمد عبد الله محمد، المعروف بابن السيد البطليوسي.

وقد طبع الكتاب ببيروت سنة ١٩١٠م في المطبعة الأدبية وقام على تحقيقه ونشره المعلم عبد الله آفندي البستاني. وقد قرانا النسخة المطبوعة من ألفها إلى يائها قرأة مسهبة فوجدناها مليئة بالأخطاء بعضها مطبعية وبعضها من قبل المحقق إذ لم يستطع قرأة المخطوط قرأة صحيحة جدية وليس هذا هو موضع التنبيه على الأخطاء وإنما يكفينا الإشارة إليها.

<<  <   >  >>