للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ترجم له ابن سعيد المغربي، في القدح المعلى، وعنه أخذ السيوطي في بغية الوعاة. وقد كان من المتصدرين للاقراء باشبيلية وكان يدرس العربية وآدابها ويعلم القرآن. وله شعر قد احتفظ ببعضه كتب التراجم.

وله من التصانيف غير شرح الكامل، شرح الإيضاح للفارسي، وشرح الجمل للزجاجي، وشرح الأمالي للقالي. والجمع بين الصحاح للجوهري والغريب المصنف، وآداب أهل بطليوس. وقال أبن سعيد المغربي: " قرأت عليه مدة ما شاء الله من كتب، ووقفت على جملة من تصانيفه التي كان يزعم أنه لم يخلق الله تعالى من يصنف مثلها في فنون العرب. وكان صعب الخلق، يطير الذباب فيغضب، وأما من تبسم من أدنى حركاته، وأنطق، فأنه لبد أن يضرب.

وله يقول في أشبيلية وكانت تسمى حمص الأندلس: " المجتث "

يا حمص لا زلت دار ... لكل بؤس وساحة

ما فيك موضع راحه ... إلا وما فيه راحه

[٥ - شرح الكامل لأبن سعد الخير]

قد ذكر أبن الأبار في تكملته للصلة أن لأبي الحسن أبن سعد الخير الأنصاريالبلنسي كتاب على الكامل للمبرد. وقال المراكشي في الذيل والتكملة أنه جمع ماكتبه أبو الوليد الوقشي وأبو محمد أبن السيد من الطرر على كتاب الكامل للمبرد. إلى زيادات من قبله عليهما وسماه " بالقرط ".

وأبن سعد الخير هذا، هو أبو الحسن على بن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن يعد الخير اللأنصاري. البلنسي الدار. القشتيلي الأصل، من تلاميذ أبن السيد البطليوسي، المختصين به. كان إماما متقدما، بارعا في علوم اللسان، نحوا، ولغة، وأدبا، وأقرأ، ذلك عمره كله، وكان إلى ذلك كاتبا، بليغا، شاعراً مجيداً، بديع التشبيه، عجيب الاختراع والتوليد، أنيق الخط، كتب وأتقن ضبطه وجوده، وعنى بالعلم طويلا.

وله من المؤلفات. غير كتاب القرط على الكامل. " اختصار العقد "، " وكتاب مشاهير الموشحين بالأندلس ". وهمم عشرون رجلا، ذكرهم بحلاهم، ومحاسنهم، وقلد فيه الفتح أبن خاقان في المطمح والقلائد، وأبن بسام في " كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة "، وأبن الإمام في " سمط الجمان ". وكان قد أكمل شرح شيخ أبن السيد لكتاب الجمل من حيث أنتهى إليه وتوفى عنه. وذلك بعد باب الندبة إلى آخر الكتاب.

وقد نصت المصادر وأجمعت على أن أبن سعد الخير كان ظاهر التغفل مفرط النسيان، فيقول أبن الأبار: " وكانت فيه غفلة معروفة " ويقول المراكشي: " وكانت فيه غفلة شديدة عرف بها وشهرت عنه ". وله في ذلك حكايات طربفة غريبة، وحوادث عجيبة مدهشة. فمن ذلك ما قاله المقرى. وقد ذكر غفلته: " كان أبن سعد الخير البلنسي الشاعر. كثير الذهول، ومفرط النسيان. ظاهر التغفل. على جودة نظمه، ورطوبة طبعه، وكان كثيرا ما يسلك سكة الاسكافيين. الذين يعلمون الخفاف، على بغلة له، فاتخذت البغلة النفور من أطراف الأدم وفضلات الجلود الملقاة في السكة عادة لها. وأتفق أن عبر في السكة راجلا ومعه جماعة من أصحابه فلما رأى الجلود الملقاة، قفز ووثب، راجعا على عقبيه، فقال له أصحابه: ما هذا أيها الأستاذ؟ فقال البغلة نفرت! فعجبوا من تخلفه وتغفله، كيف ظن، مع ما يقاسيه من ألم المش ونصب التعب، أنه راكب، وأن حركته الاختيارية منه، حركة الدابة الضرورية له!؟ فكان تغفله ربما أوقعه في تهمة عند من لم يعرفه.

وقد كرس حياته كلها لاقراء اللغة وعلومها وآدابها. وقد ذكره صاحب المغرب فقال: أنه كان شهير الذكر. جليل القدر، متصدرا لإقراء العربية ببلنسية في مدة منصور بني عبد المؤمن " وقد كتب عن الأمير أبي الربيع سليمن بن عبد الله أبن عبد المؤمن.

وهو القائل في وصف الدولاب: " الكامل "

لله دولاب يفيض بسلسل ... في روضة قد أينعت أفنانا

قد طارحته بها الحمائم شجوها ... فيجيبها ويرجع الألحانا

وكأنه دنف يدور بمعهد ... يبكي ويسأل فيه عمن بانا

ضاقت مجارى جفنه عن دمعه ... فتفتحت أضلاعه أجفانا

٦ - رغبة الآمل من كتاب الكامل

<<  <   >  >>