لا خلاف ولا فرق بين ما اتبعه واحتذاه الوقشي من الطريقة في النكت، وبين ما اختاره، واقتداه ابن السيد من المنهج في الشرح، إلا أن الأول " وقد رمزه الجامع بالحرف ش " شديد في الأخذ على الكامل، ثائر على مؤلفاته، فهو يتهمه أحيانا بالجهل ويسببه أيضا. أما الثاني، " وقد رمزه الجامه بالحرف ط " فهو لين هين، فيما يكتب على الكامل، متزن، متوازن، متعادل، فيما يأخذ على مؤلفه، غير ثائر عليه. ولا يقول شيئا إلا كعالم كبير، قد وهبه الله قلبا سليما. عادلا، وعلما صائبا، إلى طبيعة فياضة، وحلم رأيناهما - الوقشي والبطليوسي كليهما - ينبهان أولا على أخطاء المبرد وأغلاطه في تفسير كلمة. أو نسب رجل من الرجال وترجمة، أو في إنشاد بيت من الأبيات، أو في سرد قصة، وحادثة تاريخية. ثم يوردلن في كتب الفن. وما قاله العلماء فيه مع ذكر قول المبرد، أو رأيه الذي يخالف، أو يعارض هذا الرأي. وأخيرا يرى كل واحد منهما في المسئلة كحكم نهائي فيها.
[٤ - مصادرهما]
أما الكتب التي عول عليها الوقشي والبطليوسي رحمهما الله، في الشرح فأهمها: ١ - في اللغة العربية: جمهرة ابن دريد. وكتاب العين للخليل، واختصاره لأبي بكر الزبيدي، ولحن العامة له. وشرح غريب المصنف لأبي عبيد، والمقصور والممدود للقالي، وبارعه في اللغة، والفصيح لثعلب، وإصلاح المنطق لبن السكيت، والفاظه، والصحاح للجوهري. وكتاب الأفعال لآبن القوطية، وكتاب الأضداد للأصمعي وغير ذلك.
٢ - ومن كتب الأدب والشعر وتراجم الشعراء: الأغاني للإصبهاني، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام، والشعر والشعراء لابن قتيبة، وكتاب المعاني الكبير له، وادب الكاتب له أيضا، وكتاب التنبيهات لابن حمزة وكتاب النوادر للقالي، وابن الأعرابي، وأبي زيد الأنصاري، ومعاني الشعر للأشناندان مع تعليقات ابن دريد عليه. وأملي الزجاجي، وأمثال الضبي، وأبي عبيد وكتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري، ومجاز القرآن لأبي عبيدة، وخيله وديباجه، ونقائضه. ومن نسب إلى أمه من الشعراء لابن جبيب، وأسماء المغتالين له، وكتب الجاحظ كالحيوان، والبيان والتبيين، ورسائله الأخرى.
٣ - ومن مجاميع الشعر ودواوين الشعراء الجاهلين الإسلاميين، والأمويين، والعباسيين،، والمفضليات للضبي، وشرحها لابن الأنباري، والأصمعيات، وأشعار الهذليين وشرحها للسكرى، وغير ذلك.
٤ - ومن كتب النحو سيبويه وما كتبه السيرافي عليه، مؤلفات ابن السراج النحوي.
٥ - أما في أنساب الرجال من الشعراء، والعلماء، والأعيان، فقد اعتمد الوقشي والنطليوسي على جمهرة الأنساب لابن الكلبي. والاشتقاق لابن دريد، والمعارف لابن قتيبة، ونسب قريش للمصعب، والزبير بن بكار.
٦ - ومن كتب التأريخ والمعارف العامة. تاريخ الضبري. وابن خياط، وعيون الأخبار لابن قتيبة، وسيرة ابن هشام، وكتاب نصر بن مزاحم في حرب صفين ومقاتل الطالبيين لأبي الفرج الإصبهاني.
٧ - ومن كتب الحديث وفنونه، الموطأ، والبخاري. مسلم وكتاب الأموال لأبي عبيدة، ومن كتب غريب الحديث: غريب الحديث لابن قتيبة، والخطابي وشرح غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بم سلام، وكتاب الدلائل في شرح الحديث لقاسم بن ثابت السرقسطي.
وهذه المصادر والمراجع قد صرح بها المؤلفان في اكثر الأحيان وفي بعضها لم يصرحا بها ونبهنا على ذلك في مواضعه.
[٥ - منهج ابن سعد في الجمع]
أما منهج أبي الحسن ابن سعد الخير في الجمع بين نكت أبي الوليد وطرر أبي محمد، فانه قد صرح بذلك في خطبته حيث قال: " فاني جمعت في هذا الجزء ما ألفيته من الطرر والحواشي على كتاب الكامل لأبي العباس المبرد، وجعلت علامة المنسوب إليه ذلك في أول كلامه فما كان عليه " ط "، فهو للفقيه الأجل ابي محمد بن السيد البطليوسي، وما كان عليه " ش " فهو للإمام أبي الوليد الوقشي رحمه الله عليهما " إلا أن أبن سعد لا يكتفي في هذا الجزء بما قالا. وإنما يأتي بما قاله غيرهما فيجعل علامة ذلك الغين " غ " في اول الكلام، وأيضا يضيف من عنده ويجعل العلامة لذلك " خ " في أول الكرم. وذلك قليل ضئيل، وشاذ كالمعدوم. وهو لم يصرح بذلك " أي غ وخ ". كما أنه صرح ب " ط وش ".
ومما لا نشك في ذلك، أن أبا الحسن لم يترك شيئا مما كتبه أبو الوليد الوقشي، وابو محمد البطليوسي، وإنما جمع فأوعى جميع ذلك ويدل عليه: