هذا الشرح قد أهملته المصادر القديمة، والحديثة، ولم يذكره أحد من علماء التراجم بين مؤلفات ابن السيد. إلا أبو عبد الله المراكشي في الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، وعبد القادر البغدادي في خزانة الأدب. فان المراكشي هو الذي أحبرنا بأن السيد كان قد طتب على الكامل، وان ابن سعد الخير، من تلاميذه، كان قد جمع ما كتبه من الطرر عليه وضمها إلى طرر أبي الوليد الوقشي، ثمم زاد عليها من عنده، أما عبد القادر البغدادي فقد سماه " شرح الكامل لبن السيد " وقد استفاد من هذا الشرح في خزانته، وذلك في خمسة مواضع من الجزء الأول، وفي أربعة من الثاني وفي تسعة ممن الثالث، وفي ثمانية من الرابع.
ومن الغريب الأمر أن شرح ابن السيد الكامل، لم يشتهر في الشرق، والغرب كما اشتهر شرحه لأدب الكاتب، الذي سماه " الاقتضاب في شرح أدب الكتاب " ولم يذكره ابن بشكول في صلته، مع أن الكامل كان أكثر انتشار في الأندلس وأكبرها اهتمتما وعناية عند أهلها، ثم أن ابن بشكوال قد كان منتلانيذ ابن السيد كما صرح بع غير مرة في صلته. فلم لم يذكر هذا الشرح بين مؤلفاته؟ زلا تستطيع أن نقول أن ابن السيد لم يخرج شرحه إلا بعد سماع ابن بشكوال عنه، وقد أخرجه لابن سعد الخير وزملائه في الدرس: لأن ابن بشكوال عاش مدة بعد ابن سعد الخير، فان الأول توفى سنة ٥٧٨هـ وتوفى الثاني سنة ٥٧٠هـ أو ٥٧١هـ. فما السبب في ذلك؟ لم لا يذكره ابن بشكوال، أما ابن سعد الخير فانه يجمع ما كتبه شيخه، أبو الوليد الوقشي؟ وقد يكون السبب في ذلك أن هذا الشرح لم يكن شرحا في ادق معاني الكلمة، وإنما كانت في الطرر، وانحواشي على نسخة الكامل عند ابن السيد كان يرويه منها. وكذلك فان سماع ابن بشكوال عن ابن السيد لم يكن كثيرا وكثه لديه لم يكن طويلا، أما ابن سعد الخير فقد كان مختصابه، وتلمذ عليه طويلاربما طوال قيام ابنت السيد ببلنسية، ما يزيد على عشرين سنة. فكان يعرف جميع ما كتبه شيخه، وروى عنه ما كان يرويه من طريقته.
ومن ثم لم يروه ابن سعد عن ابن السيد كشرح، أو كتاب مستقل، وإنما رواه كطور، وحواش كتبت على هامش نسخة شيخه للكامل، وهذا ما جعله يذكر هذه النسخة ويقول " في كتاب الأستاذ أبي محمد " ولم يذكر هذا الكتاب عند المشارقة باسم الشرح غير البغدادي، فهو الذي سماه شرحا، واظنه سماه بهذا الاسم لأنه وجد على غلاف النسخة: " شرح الكامل " ولم يقرأ العبارة الآتية بعد هذا الاسم وهي " وإنما هي الطرر والحواشي على كتاب الكامل للمبرد ".
وشرح ابن السيد هذا، " او قل، طرره على الكامل ". هو خير ما كتبه القدماء على الكامل. حتى أن شرح ابن السيد يضاهي شرح المرصفى رحمه الله في بعض الاشياء. وكذلك فان ابن السيد في شرحه للكامل، قد تفوق على الوقشي، فيما كتبه عليه من الطرر والنكت.
ونقد ابن السيد للكامل نقد سليم، مقتصد، ومؤاخذاته على المبرد هي مؤخذات عالم جيد تنبئ عن فكر صائب، يريد الإصلاح، ولا يريد الطعن في شخصية الرجل، ولا يتهمه بالجهل والغفلة. ولا يسبه سبا قبيحا انظر إلى الوقش كيف يثور على المبرد لأنه يظنه قد أخطأ في الاستشهاد ببيت شعر لأبي تمام وهو قوله: " البسيط ".
قد قصت شفتاه من حفيظته ... فخيل من شدة التعبيس مبتسما
فيعلق عليه الوقشي قائلا: " ضمه قول حبيب هذا إلى ما قبله في المصلوب، وحمله إياه عليه، من أفحشى الخطأ، وإنما قول حبيب هذا في صفة الشجاع في الحرب، وكلوحه من الحفيظة، وهي الغضب، ويبين ذلك، ويقويه الأبيات التي قبل هذا البيت من قصيدة حبيب وهي:
أضحكت منهم ضياع القاع ضاحية ... بعد العبوس وأبكيت السيوف دما
بكل صعب الزري من كل مصعب يقظ ... أن حل متئدا أو سار معتزما
بادي المجا لأطراف الرماح فما ... يرى غير الدمم المعبوط ملتثما
يضحى على المجد مأمونا إذا اشتجرت ... سمر القنا، وعلى الأرواح متهما
قد قلصت...... البيت.