للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا بها، وصانها بسياج منيع من الحدود والعقوبات الرادعة لمن اقترفها وانتهك حرمتها، والزاجرة لغيره عن غشيانها، حفظًا وصيانة لها.

وقد حفظت الشريعة هذه الضروريات من جانب الوجود، وذلك بشرع التكاليف التي تقيم أركانها وتثبت قواعدها، كما حفظتها من جانب العدم؛ وذلك بشرع ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها (١).

وفيما يلي تفصيل ذلك:

[(١) حفظ الدين]

الشريعة هي الدين، وقد اعتنت تكاليفها بحفظه من جانب الوجود ومن جانب العدم؛ فمن جانب الوجود أوجب الله على كل مسلم العمل بأركان هذا الدين واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وذلك كي يبقى الدين حيّا في النفوس؛ لأنَّ دينًا لا شرائع فيه تضمحل حياته في النفوس مع تقادم العهد وطول الأمد؛ وقد بين الله تعالى أهمية الشرائع في إحياء الدين في النفوس بقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: ١٦].

وكذلك جاءت التكاليف بحفظ الدين من جانب العدم؛ كالنهي عن كل ما يخل بجناب التوحيد ويوقع في الشرك، قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} الآية [الأنعام ١٥١].

وشَرْعِ العقوبات الزواجر لمن ترك ركنًا من أركان الإسلام؛ والحكم بقتل المرتد.


(١) ينظر: الموافقات (٢/ ٨).

<<  <   >  >>