للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسورة من مثل هذا القرآن، وأقصر سورة ثلاث آيات، وقراء الكوفة يعدون الحروف المقطعة آية في كل سورة، و {حم (١) عسق (٢)} [الشورى: ١ - ٢] آيتان.

فلو أتوا بآيتين مكونتين من حروف مقطعة، ثم أتوا بآية من موضع آخر لأدوا ما تحداهم الله به، فلو لم يكن لها معنى لقالوا: كيف يتحدانا بكلام لا نفهمه؟ (١).

الأمر الثالث: أن الله - تعالى - حكيم، وهذا كلامه، فهو كلام حكيم، نزل من لدن حكيم حميد، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصلت: ٤١ - ٤٢]، فإذا كان هذا القرآن تنزيلًا من حكيم حميد، كيف يوجد في كلامه ما لا معنى له، ولم يُذْكَر لحكمة؟، قال الله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)} [هود: ١].

قال العلامة السعدي: «وأما الحروف المقطعة في أوائل السور فالأسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها من غير مستند شرعي، مع الجزم بأن الله ـ تعالى ـ لم ينزلها عبثًا، بل لحكمة لا نعلمها (٢)». اهـ.


(١) ينظر: مفاتيح الغيب (٢/ ٢٥١).
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر السعدي (ص ٤٠)، ط مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ (١٤٢١ هـ ٢٠٠٠ م). وينظر: د/ محمد حسن أبو النجا- تفسير الحروف المقطعة في أوائل السور وسبب اختصاص كل سورة بالحروف التي افتتحت بها (ص ١١) -وما بعدها بحث غير منشور- موقع الألوكة بتصرف يسير- (٢٩/ ٧/ ١٤٣٣ هـ -/ ٦/ ٢٠١٢ - م).

<<  <   >  >>