للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولئن انتقل الرسول صلوات الله عليه إلى الرفيق الأعلى، فإنَّ سيرته التي تحتوي على جزئيات سلوكه ماثلة لنا، وفيما بلغنا من تراجم أصحابه رضوان الله عليهم ما يكفي لتجسيد القدوة الحسنة للمجتمع المسلم.

ثم إنَّ كلَّ عصر من العصور من بعدهم لا يخلو من وجود طائفة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- تصلح لأن تكون قدوة حسنة، قَلَّت هذه الطائفة، أو كَثُرت

فعن الْمُغِيرَةِ بن شعبة -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لَنْ يَزَالَ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ» (١).

وقد قيل قديمًا: «لا يخلو زمان ليس فيه قائم لله بحجة».

وفي محض وصف عباد الرحمن، يقول الحق جل في علاه: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)} [الفرقان].

يقول ابن سعدي -رحمه الله-: «أوصلنا يا ربنا إلى هذه الدرجة العالية، درجة الإمامة في الدين وأن يكونوا قدوة للمتقين في أقوالهم وأفعالهم، يقتدى بأفعالهم، ويطمأن لأقوالهم، ويسير أهل الخير خلفهم، فيهدون ويهتدون؛ ولهذا لما كانت هِممهم ومطالبهم عالية، كان الجزاء من جنس العمل» (٢).

[أهم سمات ومقومات المربي القدوة]

إن المربي القدوة يجب أن يتحلى بأَجَلِّ الصفات وأعظمها قدرًا عند الله،


(١) البخاري (٣٦٤٠)، ومسلم (١٩٢١).
(٢) السعدي: عبد الرحمن، تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ط ١ (١٤٢٠)، (ص ٦٨٨ - ٦٨٩).

<<  <   >  >>