للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطيبة من الكرم والجود وسخاء النفس وسماحتها، وتتريض على أداء الأمانات لأهلها وإيصال الحقوق لأصحابها، وهذه غايات حميدة وأخلاق كريمة ومقاصد جليلة أرادها الشارع الحكيم تربية للمؤمن وتزكية لنفسه وتنقية لها من البطر وتطهيرًا لها من دنس الأثرَة والأنانية وحب الذات واستئثارها بالمال وسد أبواب الشيطان عليها الذي يأمرها بالشح والبخل خوفًا من الفقر والعيلة، وإذا تطهرت النفس من أدرانها صلحت وخرجت من وصف الشح والبخل إلى وصف الجود والكرم والإحسان.

[٢ - الزكاة مطهرة للعبد من الذنوب وتزكية له ولماله]

قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣].

يقول الطبري: «يقول -تعالى ذكره- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: يا محمد، خذ من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم فتابوا منها {صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} من دنس ذنوبهم {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} يقول: وتنميهم وترفعهم عن خسيس منازل أهل النفاق بها إلى منازل أهل الإخلاص» (١).

يقول ابن سعدي: «وفيها أن العبد لا يمكنه أن يتطهر ويتزكى حتى يخرج زكاة ماله، وأنه لا يكفرها شيء سوى أدائها؛ لأن الزكاة والتطهير متوقف على إخراجها» (٢).

والمسلم إذا تطهر من شح نفسه وبخلها، وألف إنفاق المال وبذله لله، وإيصاله لمستحقيه، قوي قلبه وزكت نفسه، وارتقى من وحل البخل والشح،


(١) الطبري (١٤/ ٤٥٤).
(٢) ابن سعدي (٣/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>