للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضوان الله تعالى، وتعلم الشجاعة ونزع الضعف والكسل والدعة والإحجام عن أداء الواجبات من تلك النفس، وتنمية أخلاق الصابرين فيها، وغرس خلق الإيثار والبذل والكرم والجود والعطاء والسخاء وحب الخير للغير؛ ولذلك يقول -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (١).

[والخلاصة]

أن العبادات عمومًا لها دور بارز في إصلاح النفس وتوجيهها إلى مكارم الأخلاق، وتزكيتها من كل شائبة، وقد سبق معنا بيان ذلك، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وذلك لِمَا تجدده من معاني الإيمان؛ لأنها تجدد الصلة بالله في أوقات متفرقة ومتجددة يوميًّا في طرفي النهار ووسطه وآخره، والزكاة في طياتها معاني تزكية النفس من البخل والشح والأنانية وحب الذات، مع ما تجلبه للعبد من تطهير لماله ونماء له بإخلاف الله عليه، وما يجعل سبحانه من البركة للعبد في ماله ونفسه، وكذلك الصيام فرضه الله تزكية لعباده وتربية لهم على الخشية والمراقبة والكف عن الشهوات لتتحقق لهم مرتبة التقوى، وكذلك شعيرة الحج وما يترتب عليها من تحصيل المراتب العالية من جليل وجميل الصفات، وتحقيق معاني الأخوة الإيمانية، وما يترتب من جراء ذلك من تزكية للنفس وتربية لها على البذل والتضحية في ذات الله وابتغاء مرضاته، فالعبادات في الإسلام عمومًا بينها وبين تزكية النفس وتربيتها على مكارم الأخلاق ترابط وتلازم لا ينفكان أبدًا، ولذا عقد ابن القيم -رحمه الله- في «مدارج السالكين» فصلًا بعنوان: (الدين كله خلق)، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين (٢).


(١) البخاري (١٥٢١)، ومسلم (١٣٥٠) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-.
(٢) مدارج السالكين (٢/ ٣٠٧).

<<  <   >  >>