للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لله -عز وجل- إذا انتهكت محارمه وأن يجد في قلبه حزنًا وكسرةً إذا عُصِيَ اللهُ تعالى في أرضه ولم يضطلع (١) بإقامة حدوده وأوامره ولم يستطع هو أن يغير ذلك» (٢).

ثانيًا: من لوازم تعظيم أمر الله ونهيه:

إن تعظيم الأمر والنهي له لوازم لا تفارقه كالظل لصاحبه، فإن فارقته لا يصبح صاحبها معظمًا للأمر والنهي، وبقدر ضعف تلك اللوازم يضعف تعظيم الأمر والنهي في نفس العبد.

ومن أهم تلك اللوازم:

[١ - الانقياد التام والإذعان لأمر الله ونهيه، دون أي اختيار أو تردد]

قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)} [الأحزاب: ٣٦].

يقول الطبري: «يَقُولُ -تَعَالَى ذِكْرُهُ-: لَمْ يَكُنْ لِمُؤْمِنٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ فِي أَنْفُسِهِمْ قَضَاءً أَنْ يَتَخَيَّرُوا مِنْ أَمْرِهِمْ غَيْرَ الَّذِي قَضَى فِيهِمْ، وَيُخَالِفُوا أَمْرَ اللَّهِ وَأَمْرَ رَسُولِهِ وَقَضَاءَهُمَا فَيَعْصُوهُمَا، وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيمَا أَمَرَا أَوْ نَهَيَا {فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} يَقُولُ: فَقَدْ جَارَ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، وَسَلَكَ غَيْرَ سَبِيلِ الْهُدَى وَالرَّشَادِ» (٣).

ويقول الشوكاني: «ومعنى الآية: أنه لا يحل لمن يؤمن بالله إذا قضى الله أمرًا أن يختار من أمر نفسه ما شاء؛ بل يجب عليه أن يذعن للقضاء ويوقف نفسه


(١) (أي: لم يقو).
(٢) الوابل الصيب (ص ٢٥).
(٣) الطبري (٢٠/ ٢٧١).

<<  <   >  >>