للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مذمومة قبيحة، وإما أن يمشي بانزعاج واضطراب مشي الجمل الأهوج، وهي مشية مذمومة أيضًا، وهي دالة على خفة عقل صاحبها، ولا سيما إن كان يكثر الالتفات حال مشيه يمينًا وشمالًا، وإما أن يمشي هونًا، وهي مشية عباد الرحمن، كما وصفهم بها في كتابه فقال: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣].

قال غير واحد من السلف: بسكينة ووقار، من غير تكبر ولا تماوت، وهي مشية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه مع هذه المشية كان كأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تُطوى له حتى كان الماشي معه يجهد نفسه، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير مكترث، وهذا يدل على أمرين: أن مشيته لم تكن مشية تماوت ولا مهانة، بل مشية أعدل المشيات» (١).

وفي هذا كفاية، والحمد لله رب العالمين.

الوصية الرابعة من وصايا لقمان لابنه في الجانب الأخلاقي:

[٤ - الأمر بخفض الصوت والاعتدال في ذلك.]

قال تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: ١٩].

يعرف ابن عاشور الغض فيقول: «والغض: نقص قوة استعمال الشيء. يقال: غض بصره، إذا خفض نظره فلم يحدق .. فغض الصوت: جعله دون الجهر» (٢).

ويعرفه أبو حيان فيقول: «والغض من الصوت: التنقيص من رفعه وجهارته،


(١) زاد المعاد (١/ ١٦٠).
(٢) ابن عاشور (٢١/ ١١١).

<<  <   >  >>