أمر واقع ماثل أمام أعينهم، يمكنهم التأسي به ومحاكاته.
- قال الإمام الشاطبي -رحمه الله-: «إذا وقع القول بيانًا فالفعل شاهد له ومصدق، وبيانه وتفصيله أن العالم إذا أخبر عن إيجاب عبادة من العبادات أو لزوم فعل من الأفعال ثم فعله هو لم يخل به في مقتضى ما قاله فيه، عند ذلك يقوى اعتقاد إيجابه وينتهض العمل به عند كل من سمعه وأخبر عنه ورآه يفعله»(١).
ثانيًا- مهما وضع القائمون على مناهج التربية من برامج ومناهج تربوية متكاملة، محكمة، ومهما وضعوا من أسس تربوية مؤصلة لتربية الناشئة، ومهما يكن من ذلك كله، فإنه لا يغني أبدًا عن وجود أخلاق عملية وصفات حية تتمثل في (القدوة) ليغرس في نفوس الناشئة بصفاته وأخلاقه العملية-وبفعله قبل قوله -كل ما يرمون إليه من مبادئ ومفاهيم وأهداف تربوية سامية.
ثالثًا- القدوة الحسنة تثير في نفوس العقلاء والنبلاء الاستحسان والتقدير والإجلال. ومن هنا تحرك في نفوسهم محاولة التقليد،، والبشر قد فُطِرُوا على افتقاد القدوة الحسنة لتكون لهم مشعل هداية، ومثالًا حيًّا يهديهم سبيل الرشاد، لذا كان من حكمته جل في علاه إرسال الرسل ليكون واسطة بين الخالق والمخلوق في إبلاغ الحق للخلق، بلسان المقال بالبلاغ، وبلسان الحال بالاقتداء والتأسي بهم.