للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم، وذكر بعضهم أنها قَسَمٌ، كما جاء عن الأخفش الأوسط الذي علل كونها قسمًا بقوله: إنما أقسم الله بهذه الحروف لشرفها وفضلها، لأنها مباني كتبه المنزلة، ومبادئ أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأصول كلام العرب، بها يتعارفون ويذكرون الله تعالى ويوحدونه (١).

ورغم تعدد أقوال المفسرين في تفسير هذه الحروف المفتتح بها أوائل السور؛ إلا أن هناك محلًّا متفقًا عليه بين أهل العلم في هذه الحروف، وهو أن أهل الإسلام أجمعوا على أن لهذه الحروف معنى، وأنها ذُكِرت لحكمة.

[يقرر هذا ويوضحه ثلاثة أمور]

الأمر الأول: أن الله أمرنا بتدبر كتابه وتفهمه دون استثناء، فدخلت الحروف المقطعة في هذا الأمر، قال الله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء: ٨٢]، وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)} [محمد: ٢٤]، وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩)} [ص: ٢٩]، وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)} [المؤمنون: ٦٨].

الأمر الثاني: أن الله -تعالى- قد تحدى عباده من الإنس والجن بأن يأتوا


(١) (١/ ٣٦) السيوطي: الإتقان (٢/ ١١).
- وللاستزادة، ينظر: البغوي: معالم التنزيل (١/ ٤٤)، ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن (٢٣١)، الراز ي: مفاتيح الغيب أو (التفسير الكبير) (٢/ ٧)، البيضاوي: أنوار التنزيل وأسرار التأويل (١/ ١٣)، القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (١١/ ١٦٦)، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم.

<<  <   >  >>