كان النهي عامًّا يشمل الشرك بنوعيه الأصغر والأكبر.
وإذا أردنا أن نتأمل حقيقة الخطب الجلل المترتب على الشرك الأكبر، فلنتدبر دعاء خليل الرحمن -عليه السلام- وتضرعه وإلحاحه على ربه أن يباعده ويجافيه عن الشرك هو وبنيه، ولقد بوب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه التوحيد ما يدل على ذلك فقال في الباب الرابع: باب الخوف من الشرك، وذكر هذه الآية، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٦)} [إبراهيم: ٣٥ - ٣٦].
وإبراهيم -عليه السلام- خليل الرحمن ومن هو في مكانته ودرجته ورتبته، إنه كان أمة، وكان قدوة لهذه الأمة، اختصه الله سبحانه من دون الأنبياء أنه قدوة، قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)} [النحل: ١٢٠].
خامسًا: بيان عواقب الشرك الأكبر وما يترتب عليه من أحكام:
لما كان الشرك الأكبر أظلم الظلم ويترتب على المتلبس به أحكام شرعية عظيمة الخطب، وذلك حفظًا لضرورة الدين، وصيانة لجناب التوحيد، وتحذيرًا للعباد من عواقبه الوخيمة، ولا سيما الناشئة، وما يترتب عليه من شر محض في الدنيا، وخلود أبدي سرمدي في النار يوم التناد، كان بيان أهم تلك الأحكام واجب البيان، ومن أهمها وأبينها وأَجَلِّهَا ما يلي: