للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النساء: ٥٩]، وذلك لما في إقامة الأمراء وطاعتهم من حفظ الدين بإقامة شعائره وحفظه بتحقيق الأمن الذي لا يستقيم أداء الشعائر إلا به، وغير ذلك مما لا يحصيه إلا الله من المنافع.

[(٢) حفظ النفس]

وكذلك النفس يكون حفظها من جانب الوجود ومن جانب العدم.

أما من جانب الوجود:

فمثل ما جاء في الشريعة من الأمر بالمحافظة على النفس بالأكل والشرب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢)} [البقرة: ١٧٢]، وعدم الإلقاء بها في التهلكة كما قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥].

وأمَّا من جانب العدم.

فكتحريم الاعتداء عليها، وسد الذرائع المؤدية إلى القتل، وشرع القصاص لما فيه من الزجر عن انتهاك الأنفس وإشاعة القتل؛ كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)} [البقرة: ١٧٩].

ولعل ما جاء من استحباب العفو عن القاتل يسير في سياق حفظ الشريعة للنفوس أيضًا، وذلك لأن النفس وإن كانت جانية إلا أن في استحباب العفو عنها إشارة إلى أن الأصل في الشريعة حفظ النفوس واستبقاؤها؛ وعدم تشوف الشارع إلى إزهاقها، وقد بَيَّنَ المولى هذا المعنى بوصفه تخفيفًا ورحمةً، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى

<<  <   >  >>