وقال:«ويُجنِّبه فضول الطعام والكلام، والمنام ومخالطة الأنام، فإن الخسارة في هذه الفضلات تُفوِّتُ على العبد خير دنياه وآخرته، ويُجنبه مضارَّ الشهوات المتعلقة بالبطن والفرْج غاية التجنُّب، فإن تمكينه من أسبابها والفَسْح له فيها، يُفسده فسادًا يَعِزُّ عليه بعده صلاحُه، وكم ممن أشقى ولدَه وفِلذة كبده في الدنيا والآخرة، بإهماله وترْك تأديبه، وإعانته له على شهواته، ويزعُم أنه يُكرمه وقد أهانَه، وأنه يَرحَمه وقد ظلَمه! ففاته انتفاعه بولده، وفوَّت عليه حظَّه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفسادَ في الأولاد، رأيت عامَّته من قِبَل الآباء».
ثالثًا- إلزام الأولاد أداء العبادات المفروضة والمسنونة بدءًا بأركان الإسلام:
وتؤكد الدراسة على أهمية عناية الإسلام بالتبكير في العملية التربوية وتبين أهمية العناية بالجانب التعبدي ومكانته في الإسلام، وما ينبغي وما يجب على المربي تجاه الأبناء في شأن هذا الجانب العظيم مبكرًا، فالإسلام دين الله الخالد الذي لا يَقبل دينًا غيره، وهو في مفهومه الأشمل يتضمَّن الإيمان والعمل، العقيدة والشريعة، الأخلاق والمعاملات، وأحكامه كما بيَّنها العلماء متنوعةٌ بين الوجوب والاستحباب في جانب الطاعات، وبين التحريم والكراهة في جانب المَنهيات.
والأبوان من حيث ولايتُهما على الأولاد دون سن البلوغ -لا سيما الأب باعتبار قوامته على مَن في البيت- من واجباتهما الشرعية: إلزامُ الأولاد بالعبادات؛ تعويدًا وتعليمًا، ترغيبًا وترهيبًا، وتربيةً وتقويمًا، تعاونًا وتعاضُدًا، أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، أداءً للأمانة وقيامًا بالواجب.
وهنا تفرد الدراسة الحديث عن واجب الآباء في هذا المضمار من حيث